الليلة، يحط الجزء الثالث من سلسلة محاضرات «مدن متغيّرة، مجتمعات متحوّلة»، التي ينظمها «المركز العربي للعمارة»، و«بيت الكتاب الدولي» في بيروت. المشروع الذي انطلق في أيار (مايو) الماضي، يجمع بين برنامج «المركز العربي للعمارة»، الذي يعمل على أرشفة التاريخ والرسوم والوثائق العمرانية، ويقيم سلسلة ندوات لمعماريين محليين وعالميين، واهتمام «بيت الكتاب الدولي» بالأدب المعاصر العالمي، الذي دعا إلى بيروت وجوهاً أدبية لمناقشة إشكاليات راهنة حول الأدب وعلاقته بالحروب والعنف والذاكرة. هكذا اتخذ التعاون بين المؤسستين شكل محاضرات تجمع مهندسين معماريين ومدنيين مع روائيين للخوض في تحوّلات المدن العربية، وظروف تطوّرها من وجهات نظر أدبية ومعمارية. قبل أشهر، أطلقت الندوات بمحاضرة «القاهرة من خلال الأدب والعمارة والعمران» للروائي المصري محمد الفخراني مع المهندس عمر نجاتي. كما دعت المحاضرة الثانية الروائي اللبناني جبور الدويهي والمهندس مصباح رجب، إلى مدينة طرابلس للحديث عن أصالة المدينة الشمالية الزائلة، التي تحاكي نماذج المدن العربية التائهة. في موعدهما الثالث بعنوان «بيروت من خلال الأدب والعمارة والعمران»، يدعو «المركز» و«بيت الكتاب» الروائي اللبناني الياس خوري (الصورة) والمهندس المعماري جاد تابت للتوقف عند تحولات بيروت في «قاعة الأوديتوريوم» في «متحف سرسق» (الأشرفية ــ بيروت) عند السادسة والنصف من مساء اليوم.
يقوم هذا المزج أساساً على التناقض بين خيال الروائي، وواقعية المعمار وعلاقة كل منهما المختلفة مع العاصمة اللبنانية. تابت الذي ترك بصمته على أبينة متعددة في بيروت، مثل «فندق هيلتون» وأحد مباني «فندق السان جورج» و«مبنى المركز الثقافي الروسي»، عمل أيضاً على الشق النظري المتعلّق ببيروت في كتابه «الإعمار والمصلحة العامة في التراث والحداثة: مدينة الحرب وذاكرة المستقبل» (دار الجديد)، الذي ضم مقالات عن بيروت بين التراث والحداثة. أما الياس خوري، فقد لاحت بيروت كطيف ومحرك أساسي لأحداث رواياته كـ «الجبل الصغير» (1977)، و«الوجوه البيضاء» (2003)، و «سينالكول» (2012) وغيرها، وتحديداً الحرب الأهلية التي خرج صوتها صاخباً من أفواه أبطالها. سيلتقي الضيفان إذاً في نقاش يمرّ على مراحل متباعدة من تاريخ المدينة القابلة دائماً للتغيرات، إذ يستحضران أزماناً متعددة ابتداء من القرن التاسع عشر، الذي شهد توسعاً في جدران بيروت، ومختبر الحداثة العمراني في الخمسينيات والستينيات، وصولاً إلى الحرب الأهلية التي تعدّ نقطة التحول الأساسية بين الماضي والحاضر لناحية الشروخ الطبقية والإجتماعية والعمرانية والثقافية التي خلفتها. سيتوقف خوري وتابت أيضاً على المرحلة التي تلت الحرب الأهلية، ومرحلة الخيبات وإعادة الإعمار، وصولاً إلى الوقت الحاضر وأزماته كالمساحات العامة آخرها قضية الدالية. يتضمن اللقاء أيضاً قراءة لمقاطع من روايات خوري، مع عرض لبعض الخرائط والصور من أرشيف تابت لبعض أحياء بيروت.

* «بيروت من خلال الأدب والعمارة والعمران»: السادسة والنصف من مساء اليوم ــ «قاعة الأوديتوريوم» في «متحف سرسق» (الأشرفية ــ بيروت). للاستعلام: 01/201001