أول من أمس، دقّ مراسل mtv نخلة عضيمي ناقوس الخطر، محذراً الحكومة اللبنانية من أنّها تخسر ملايين الدولارات جراء نقل النازحين السوريين مصانعهم «تحت جنح الظلام» من سوريا الى لبنان. تسير محطة «المرّ» على قول المثل «يفتش في السراج والفتيلة»، في مقاربتها للنزوح السوري في لبنان. تقدم معالجة ملؤها التحريض ونشر الخوف والذعر في الأوساط اللبنانية. ضمن نشرة أخبار المحطة المسائية، بث أول من أمس تقرير (3:00) بعنوان «مصانع سورية بعدّتها في لبنان». في هذا التقرير، أخبرنا عضيمي عن الكارثة الاقتصادية التي تضرب لبنان والقطاع الصناعي، جراء نقل هذه المصانع الى لبنان. يبدأ التقرير من صور الأطفال السوريين النازحين الذين يعانون من شظف العيش.
آدم شمس الدين أزال التهم الجاهزة عن اللاجئين
يوظف المعدّ هذه الصورة لربطها بما «يقترفه» النازحون في البلد المُضيف بطريقة «غير شرعية». يأخذ التقرير رأي فادي الجميّل رئيس جمعية الصناعيين الذي يؤكد على عمليات النقل، ويسمّي القطاعات التي تعمل فيها هذه المصانع وأغلبها يندرج ضمن الصناعات الغذائية والتغليف والألبسة. ويلفت وزير الصناعة حسين الحاج حسن الى أهمية عمل البلديات في التبليغ عن هذه المصانع. لم يكتفِ عضيمي بذلك، بل ربط وجود هذه المصانع بأزمة البطالة اللبنانية و«تسريح العمّال اللبنانيين» من المصانع اللبنانية. إذاً، هي مجدداً مشكلة اللجوء السوري التي باتت اليوم شماعة تستخدم من قبل بعض الإعلام اللبناني لتعليق كل مشاكل وأزمات لبنان عليه. باتت المقاربة في هذا التقرير أقرب الى إخبار تحريضي أكثر منه معالجة نقطة محددة، استجدت على الساحة الصناعية اللبنانية. تلك المصانع التي يورد التقرير بأنّ عددها بالعشرات، وحديثة العهد، كيف لها أن تقلب الميزان التجاري برمته في لبنان وتسبب تراجع «الصادرات الصناعية»، وتكلف الدولة خسائر بمليار دولار؟طبعاً، الإجابة لا يملكها أحد، وبخاصة أهل الصحافة الذين لا يكلّفون أنفسهم عناء البحث عن سبب هذا التراجع، وارتفاع البطالة في لبنان، وكيفية معالجتهما، ومقاربة ملف اللجوء السوري وعلاقته بهذا التراجع، بطريقة محترفة تبغي الإضاءة على المشكلة لا تشكيل منصة اتهام للاقتصاص من الوجود السوري في لبنان.
نموذج آخر ــ وللمصادفة المحض ــ رأيناه في اليوم نفسه، أي أول من أمس. تقرير لآدم شمس الدين على «الجديد» تحدث عن تراجع أنواع الجريمة هذا العام باستثناء النشل. تقرير ارتكز على دراسة أعدها الأمن الداخلي منتصف العام الحالي، شرحها العقيد جوزيف مسلّم، وتظهر حجم التراجع في الجرائم في لبنان بالأرقام. وفي ختامه، كانت خطوة لافتة من المعدّ تأكيده على انعدام العلاقة ما بين الجرائم والنزوح السوري، على أن تبقى عمليات النشل مندرجة ضمن «أزمة معيشية محض لبنانية». وبهذه اللفتة الهامة والمطلوبة في الإعلام اللبناني، أزيلت التهم الجاهزة عن النازحين السوريين، كلما وقعت جريمة، على أمل الخروج بصناعة إعلامية خالية من أي توظيف سياسي، في الحديث عن الجرائم، تشير الى المجرم على أنه كذلك، وتسقط جنسيته وعلاقتها بوقوع هذه الجريمة.