كلّما ارتفع دويّ الرصاص في حلب، علت آهات المطربين للتعبير عن العطب الذي أصاب المدينة. ستخص موجات كثيرة من الأغاني هذه المدينة دون غيرها، على الرغم من أنّ الدمار طال معظم سوريا، لكنه تركّز أكثر في حلب. ليس هذا وحده ما جعل منها قبلة الغناء الحزين، بل لأنها تسمّى «عاصمة الطرب» مدينة الموشّحات والقدود تنام وتصحو اليوم على صفيح يحترق. خلال الأزمة، غنى لها كثيرون؛ منهم مطربها البار شادي جميل، وحازم شريف، وعبد الكريم حمدان. لكن مع تصاعد المعارك الأخيرة، وثب اسم الممثل محمد خير الجرّاح إلى الميدان. وعلى الرغم من أنّ الغناء ليس صنعته، إلا أنّ «أبو عبدو» قرر أن يكون له قرص في كل عرس، إذ سبق أن غنى للرئيس السوري بشار الأسد بعد مرور عشر سنوات على توليه الحكم. بعدها، كرر تجربة الغناء بعمل مهدى إلى حلب يحمل عنوان «رح بتضلي» (كلمان مضر شغالة، وألحان أحمد فؤاد» أطلقه في نهاية العام الماضي. ثم وعد مستمعيه أخيراً بتكرار التجربة من خلال أغنية جديدة سيطرحها قريباً بعنوان «مدّوا الأيادي» (تأليف وألحان نهاد نجّار). ظاهرياً، يبدو الجرّاح كأنه يتقن الغناء الحلبي، ويحاول أن يعطي إحساساً عميقاً لما يغنيه، لكنه لا يتخطى حدود الهواة الذين يجيّرون من دون قصد ضخامة الحدث لمصلحة شهرة بضاعتهم الفنية.
سمر عبد العزيز ومحمد خير الجرّاح أطلقا عملين أخيراً
من جانبها، قطفت المغنية سمر عبد العزيز الكلام المؤثّر لمؤلف الأغاني المعروف صفوح شغالة، وتداوله روّاد السوشال ميديا بوتيرة عالية بعدما أدّاه على شاشة التلفزيون السوري. ويقول فيه «حلب بتسلّم عليكن، وبتقلّكن إنتو ع البال، حالتها شوفة عينيكن، للصبر صارت مثال، وبتقلكن لا تخافوا عليها، رايات النصر بإيديها، والشهبا عين الله عليها، شعبا صامد كلو رجال». هكذا، غنتها سمر عبد العزيز بعدما وضع لها اللحن نهاد نجار وبثّتها إذاعة «شام إف إم» بشكل حصري، على أن تصوّرها على طريقة الفيديو كليب بعد بضعة أيام. وعلى الرغم من شفافية كلامه، إلا أنّ العمل ظهر متعجّلاً ينقصه النضوج ربما.
تختلف القصة كلياً وإن بقيت في السياق نفسه عندما تدخل «مطربة الجيل» ميادة الحناوي إلى الميدان. تعيد صاحبة «بعشقك» أيقوناتها القديمة إلى البال، وهي تصنع بإحساسها رونقاً خاصاً لما تقوله، وبخاصة أنّها تؤدي بخامة صوت تحوّلت عبر الزمن إلى أيقونة مشهود لها. «حلب يا دهب العتيق» (بثّتها «شام. إف. إم» بشكل حصري) هي خطاب الحناوي للمدينة المنكوبة. قصّة عمر جمعت بينهما، لذا لن يكون رد جميل ولا فضل لها، وإن وعدتها بالوصول إليها حتى لو تقطّعت السبل. تجرّب ميادة مداراة الجرح العميق الذي تبكيه حلب، بعدما جار عليها الزمن. هنا لا بد من نبش في الذكريات والصور العتيقة، ولأن المدن تشبه الحسناوات من النساء، فإن «مدينة أبي فراس الحمداني» تزداد جمالاً حسب الأغنية، كلّما تقدّمت في السن، كيف لا وهي أقدم وأعرق مدن التاريخ؟!
تبقى الحناوي على الوتيرة ذاتها وتتغزّل مجدداً «بعاصمة الشمال» عندما تخبر من يسمعها عن الحب الكبير الذي يجمع بينهما، قبل أن تكمل «إنتي عشقي وغرامي، واسمك طيفو بأحلامي، عاشت والله الأسامي، حلب يا دهب العتيق».

https://www.facebook.com/radioshamfm/videos/vb.154452061274763/1035150179871609/?type=2&theater&__mref=message
https://www.facebook.com/radioshamfm/videos/vb.154452061274763/1036563609730266/?type=2&theater&__mref=message