اضطر لترك مدينته الرقة التي لطالما أرّخ حكاياتها الشعبية
غادر الرقة سرّاً إلى مدينة حماه بعدما أحرق مكتبته ومخطوطات أعماله المؤجلة خشية أن تقوده إلى التهلكة، وكان عليه أن يذهب إلى دمشق لاحقاً لمتابعة إجراءات معاملة رسمية تخص نهاية خدمته في صحيفة «الثورة» الرسمية، لكنه فجأة فقد ذاكرته جزئياً وتاه في شوارع العاصمة، وتردّد بأنه أصيب بنوع من الجنون. قد لا يعرف كثيرون هذا الاسم جيداً، فهو لفرط عزلته ونزاهته وتواضعه عاش مغموراً كما يحصل لمعظم مبدعي الأطراف، لكنه في المقابل، كان أحد أبرز قصاصي الثمانينيات، وقد أصدر مجموعة قصصية لافتة هي «القاشور». كما أنجز أبحاثاً معمّقة في قراءة الفولكلور الفراتي والحكاية الشعبية، وأغاني الفرات «الفراقيات»، مستكملاً ما بدأه الباحث الراحل عبد القادر عياش في تدوين التراث الشعبي في وادي الفرات، بالإضافة إلى تحقيق كتاب «الجراثيم» لابن قتيبة، قبل أن يلتفت إلى كتابة الرواية في باكورته «شمس الدين» (2000) متكئاً على الموروث المحلي في أسطرة وقائع روايته لجهة استثمار المحكي الشفوي. تاهت هذه الرواية الاستثنائية عن أنظار النقّاد، لكنه لم ييأس، فهو كان يعتبر الكتابة نوعاً من علاج الجنون «فمن لا يبرّد قلبه بالكلام، سيقع فريسة الجنون أو فريسة الموت، ولكي لا أجن ولا أموت أكتب كثيراً». وسوف يضيف في شهادة روائية «عاجز عن الخروج من الورطة إلّا إلى مصح الأمراض العقلية أو إلى المقبرة». كانت هذه الرواية جزءاً من مشروع سردي ضخم، استكملها في «ملحمة الثعالب: ألف ثعلب وثعلب»، لكن هذا المخطوط اختفى في أدراج «الهيئة العامة السورية للكتاب» منذ سنوات، ومُنع من الطباعة والتداول، ولم يُفرج عنه إلى اليوم.