في المشهد الفضائي الخليجي، يكفي ربما الاطلاع على تغريدة الإعلامي السعودي جمال خاشقجي على تويتر، لاختصار هذا المشهد «(..) انفجار بيروت يحمل بصمات حزب الله وداعش معاً، لكل أسبابه في تنفيذ جريمة كهذه». خاشقجي رفع جرعة الإتهام وأصدر حكمه في دمج «حزب الله» مع داعش» في المعترك نفسه. استراتيجية لم تعد تخفى على أحد في أهدافها. على هذا المنوال، سار الإعلام الخليجي الذي استنفر جبهاته، القطرية والسعودية، وجنّد نفسه لإلباس «حزب الله» تهمة جاهزة عن إنفجار فردان. وهذه المرة تفنن في خلق مصطلحات جديدة، بعيدة كل البعد عن العمل الصحافي حتى المنحاز منه. مثال على ذلك تسميات مثل «ما يسمى حزب الله»، و«حزب الله الإرهابي».
بدت «الجزيرة» كأنّها تجمع الأدلة الجنائية من موقع الانفجار!
وعلى موقعها الإلكتروني، عنونت «العربية»: «لبنان: إنفجار يهزّ بيروت وأصابع الإتهام توجه الى حزب الله». وفي متن الخبر حديث عن «بنك لبنان والمهجر» لكونه «أول المصارف التي طبقت العقوبات الأميركية على حزب الله». ولم تنس القناة السعودية نسج الرواية البوليسية بربط مانشيت «الأخبار» بما حدث، مع وصفها بـ «الموالية لحزب الله الإرهابي». صحيفة «عكاظ» السعودية أيضاً طمأنت الشعب اللبناني على لسان السفير السعودي علي عواض العسيري، بأنّ «الرعايا السعوديون بخير»، وأرفقته بمانشيت بالخط العريض: «إنفجار يهزّ بيروت وأصابع الإتهام تشير الى حزب الله» مرفق بتقرير لكل من راوية حشمي ومحمود عيتاني، يفيدنا بمعلومات خاصة بـ «عكاظ» بأن البنك المستهدف «اوقف سلسلة كبيرة من الحسابات المصرفية التابعة لحزب الله، وخصوصاً حسابات مستشفيي الرسول الأعظم وبهمن». بدورها، عنونت صحيفة «الشرق الأوسط» ضمن تقديمها للحدث «وزير الداخلية ربط بين العملية وأزمة حزب الله مع البنوك»، وذكرت في متن التقرير ما نسبته الى «سياسيين» لم تفصح عن أسمائهم ربطوا بين هذا الإنفجار و«العلاقة المتوترة بين القطاع المصرفي اللبناني عموماً وما يسمى حزب الله».
على الجبهة القطرية، بدت «الجزيرة» كأنّها تجمع الأدلة الجنائية من موقع إنفجار فردان، فعنونت تقريرها أول من أمس: «مؤشرات تربط انفجار بيروت بعقوبات حزب الله»، وفي المحتوى الإشارة الى أنّ «المؤشرات الأولية (..) تفيد بأن الإنفجار وقع على خلفية الجدل الدائر بشأن العقوبات الأميركية التي استهدفت حسابات لحزب الله».
ولعلّ أغلب المواقع الإلكترونية الخليجية والناطقة بالعربية استنسخت تغطية هذا الخبر من الوكالات العالمية «رويترز» و«اسوشييتيد برس»، و«فرنس برس»، في الحديث عن الأضرار وزنة العبوة ومكان الإنفجار «غربي بيروت». الا أن اللافت في قناة «bbc عربي»، أنّها عادت الى مصطلحات بائدة أكل الدهر عليها وشرب كوصف جغرافية المنطقة بـ «بيروت الغربية». والمعلوم أنّ هذا المصطلح سقط بعيد الحرب الأهلية وتقسيم المناطق في لبنان بين «شرقية» و«غربية» ليأتي العنوان على الشكل الآتي: «انفجار قوي في بيروت الغربية، والداخلية تنفي سقوط ضحايا».