في مشهدية درامية منسّقة، بعث المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي «بتحية خاصة» باسمه، وباسم باقي «جنود» الاحتلال «المسلمين» في مناسبة حلول شهر رمضان. أنهى أدرعي صلاة «التراويح» كما أخبر متابعيه على تويتر أول من أمس، ونشر معايدة رمضانية ثانية، بعدما نشر الأولى يوم الأحد على فايسبوك احتفاء بولادة هلال الشهر الكريم. شريط قصير (2:00)، موّقع باسم «جيش الدفاع الإسرائيلي»، نشره أدرعي على حسابيه على فايسبوك وتويتر أول من أمس، لينقل أجواء شهر الصوم في الأراضي المحتلة «بعد الإفطار» و«قبل مشاهدة «باب الحارة» كما عنونه الناطق الصهيوني، ضمن جلسة عربية أقرب الى البدوية مع منقل الفحم وأباريق القهوة النحاسية. لكن «ذكاء» أدرعي ومن صمم هذه المسرحية، لم يسعفه في أن إفطار الشباب من حوله على القهوة وتناول الأطايب فيما بعد، حصل في وضح النهار. طيلة رحلاته الافتراضية، ما انفك أدرعي يعمل بدأب ومكر على كي وعي المتتبعين العرب المراد التوجه اليهم، عبر أنسنة «إسرائيل»، ومحاولة محو تاريخها وحاضرها الدموي الإجرامي. يلعب في هذه المسافات الافتراضية، ويمتطي تفاصيل حياتية تدخل في صلب العالم العربي، ليبني عليها خطاباً يدعي السذاجة، يرمي إلى «تجميل» وجه الصهاينة وكسر المسافة في تحديد العدو! في هذا الشريط، يخبرنا أدرعي الذي يبدو أنه تمّرن جيداً على الدور، وعلى دوزنة حركة وجهه نحو الكاميرا ونحو أصدقائه، بأن رمضان يأتي هذا العام و«العالم يعيش على وقع ظاهرة الإرهاب التي تمثل تحدياً ليس لإسرائيل بل لجميع دول المحيط». حسناً، عرفنا الآن أن الكيان العبري مهدّد بـ «الإرهاب» يا للهول يا أفيخاي؟! في هذه الرسالة الرمضانية أيضاً، ينشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني، قيم التسامح والغفران، ويعد «أعداء إسرائيل»، بأنهم «لن يستطيعوا النيل من إسرائيل».
أفيخاي أدرعي وصل إلى «باب الحارة»

الخطورة في هذا الخطاب، انزلاق العديد من المتابعين في تصديقه والتماهي معه. أعداد هائلة من «الشير» (مشاركة) وكمّ كبير من التعليقات، لهذا المنشور. يكفي تصفح بعض التعليقات على هذا الفيديو، لنرى عدداً من المتابعين يدافع عن «إسرائيل» ويبرر لأعمالها العدوانية الوحشية تحت ذريعة «الدفاع عن النفس». والأنكى أن هذه المرة أدخل لعبة «باب الحارة» المسلسل السوري الشهير، المحجوز موعده سنوياً في رمضان؟ أسف أفيخاي على خروج «معتزّ» (الممثل وائل شرف)، من الجزء الثامن، لكن مع ذلك، أعطى علامة مرموقة لـ «باب الحارة» الذي ــ برأيه ــ بقي «ممتازاً» كما غرّد على حسابه على تويتر «بدّلوا معتز لكنها لقيت ممتازة».
في كل ما سلف، قد يبدو أن أفيخاي أدرعي أتقن جيداً لعبة المساحات الافتراضية والتفاعل مع الجمهور العربي الذي يتابعه أكان على فايسبوك أو تويتر. واليوم يلجأ الى صناعة مشهدية درامية تحاكي البيئة العربية، ليخترق منها الوعي العربي، المفترض أنه تربى على صورة «إسرائيل» /العدو، والانزلاق به الى مكان تتهاوى فيه صورة العدو المتغطرس لصالح «إسرائيل» متسامحة، وفي خندق واحد مع «جيرانها» العرب، ضد أعدائها، ولمقارعة «الإرهاب» أيضاً!