محبو السينما وخصوصاً الأفلام القصيرة، هم على موعد هذه الجمعة مع «مهرجان كابريوليه» الذي يعود في دورته الثامنة ليقدّم برنامجاً موسعاً يضم حوالى ٣٥ فيلماً قصيراً من لبنان والعالم العربي والعالم. المهرجان الذي يمتد على ثلاث ليالي متواصلة (27- 29 أيار/ مايو) على درج مار نقولا (الجميزة) تقام عروضه في الهواء الطلق والدخول مجاني للجميع. مبادرة تحسب لهذه التظاهرة السينمائية التي تستقطب ــ بصيغتها المختلفة ـــ جمهوراً ليس بالضرورة سينمائياً أو مثقفاً نخبوياً.
ثيمة المهرجان العامة هذه السنة هي «الصراع» باختلاف تجسداته، قد يكون أولها الصراع بين الأمل واليأس كما نرى في فيلم «على غفلة» للمخرج الشاب جو قزي من الجامعة الأنطونية الذي سيفتتح المهرجان هذه السنة.

موضوع استثنائي يقاربه فراس الحسيني في فيلمه «الماشطة»


يعود المخرج في فيلمه إلى ليلة وفاة أبيه من خلال مخيلة الطفل الذي كانه حيث يمتزج الواقع بالحلم، وأغاني الميلاد بتراتيل الحداد. الفيلم أشبه برحلة في اللا وعي الطفولي، يقودها بابا نويل الذي يتماهى مع شبح الموت إثر وفاة الأب ليلة الميلاد. الملفت في الفيلم هو لغته السينمائية المشغولة بعناية من هندسة الصورة المقسمة إلى خلفيات عدة واللعب على تدرج الوضوح في ما بينها أو العلاقة غير المباشرة بين الصوت والصورة، ولو أنّ الرموز المتناولة كما البلورة السحرية أو حتى التناقض بين الفرح متمثلاً بصورة بابا نويل والحزن أو الموت هي أكثر اعتيادية. أما الصراع الذي يعيشه بطل الفيلم الإيطالي screwed للورنزا أندوفينا، فهو مختلف كلياً. في إطار من الكوميديا الطريفة، يصوّر المخرج صراع البطل المتزوج لمقاومة جارته الساحرة. معركة سرعان ما يخسرها هو وشقته التي تتحطم كلياً إثر العلاقة الشغوفة المتفجرة بين الإثنين. في الصباح التالي، تعلمه زوجته المسافرة بأنها قررت العودة في النهار نفسه.


هنا يشرع في محاولاته لتغطية آثار جريمة الخيانة والتفكير في كل التفاصيل التي قد تلاحظها زوجته. يدخل في حالة هذيان كلي تنتهي به إلى تدمير نفسه والشقة كلياً. على سبيل المثال، يفكر في تنظيف الكتبة، مخافة أن يكون قد سقط عليها شيء من شعر الجارة، بعدها يتراجع مخافة أن يثير تنظيف الكنبة شكوك زوجته. يبدأ في محاولة تمييز ما قد يكون سقط من شعر زوجته أو من الجارة. وفي محاولة أخرى لإخفاء بقعة على عنقه، يجرح نفسه عن قصد مكانها، أو حين لا تزول البقعة عن الحائط، لا يرى مفراً من هدمه كلياً. وفي فيلم التحريك «توازن» لكريستوف وولف غانغ لوينستون، يستحيل الصراع للبقاء على الحياة.

يصور المخرج مجموعة من الرجال يتشاركون ما هو أشبه بمنصة معلقة في الفضاء أو الفراغ. أما هوايتهم المفضلة فهو الصيد في الفضاء في إطار السوريالية الطريفة للفيلم. يحالف الحظ أحدهم، فيصطاد صندوقاً عجيباً، لا نعرف ما في داخله. لكن الأهم هو دوره في معادلة التوازن، فما إن يضعه صاحبه على المنصة، يختل التوازن. وضمن إيقاع موسيقي، بصور المخرج تحركات الرجال الراقصة على المنصة في محاولة لإعادة التوازن المفقود. المشكلة التي لن تحل فعلياً، إلا إذ ما تم التخلص من الصندوق أو ما يعادل وزنه من الرجال. ينتصر أحدهم في النهاية بعد أن يتخلص من الجميع ويبقى هو والصندوق الذي يهدد بإطاحته أيضاً.

أيضاً من الأفلام اللبنانية المشاركة في المهرجان «الماشطة» لفراس الحسيني من جامعة الأنطونية. يروي الشريط قصة حياة زينب كريك (1912 -1998) من ضيعة الأرزون في جبل عامل التي كانت تعرف بـ «الماشطة» أي المرأة التي تهيئ العروس للزواج في القرى وتزفها. يتفاوت الفيلم في مشهديته. بعض اللقطات هي أفضل من الأخرى، وكذلك السرد الروائي. لا تشكل كل العناصر السينمائية مزيجاً متجانساً ولو أن موضوع الفيلم استثنائي. تحضر الممثلة جوليا قصار إلى جانب الممثلة عايدة صبرا وغيرهما في فيلم «مبروك» من إخراج سينتيا صوما خريجة جامعة الـ «ألبا».

ضمن إطار من الكوميديا، يروي الشريط قصة زوجين يربحان مئة ألف دولار في مسابقة تلفزيونية، ويقرران إخفاء الأمر عن بقية أفراد العائلة والذهاب في عطلة. إلا أن محاولاتهما تبوء بالفشل الذريع. ما يميز الفيلم هو إيقاعه الحيوي، والحوارات الذكية في طرافتها وعفويتها بالتماهي مع أداء الممثلين. إلى جانب عروض الأفلام، يستضيف المهرجان بالتعاون مع السفارة الإيطالية المخرج موريزيو فانتوني مينللا في ندوة مفتوحة حول السينما الوثائقية، إلى جانب ورشة عمل فوتوغرافية حول كيفية التقاط الحركة أثناء التصوير.


«مهرجان كابريوليه»: من 27 حتى 29 أيار (مايو) ـــ درج مار نقولا ــ للاستعلام: 01/322744

cabrioletfilmfestival.com