تحت عنوان «فاس في مرآة أفريقيا»، يتجه «مهرجان فاس» الذي ينطلق اليوم إلى عمق المغرب الأفريقي مستضيفاً فنانين من القارة السمراء. في ساحة باب الماكينة الليلة، تنطلق الدورة 21 من المهرجان مع عرض موسيقي بعنوان «فاس... بحثاً عن أفريقيا». ولأن «الجسد أصغر من الروح التي تسكنه»، كما تقول إدارة المهرجان في استعارة لمثل إفريقي، فإن الافتتاح سيعرض لأصوات من أجمل الأصوات الأفريقية من دول السنغال وبوركينا فاسو وموريتانيا والمغرب ومالي، إلى جانب فرق من الولايات المتحدة وفرنسا.
تنطلق السهرة مع عازف العود المغربي ادريس المالومي، وتمرّ بالشدو الأمازيغي مع شريفة كرسيت لتصل إلى موسيقى العرافين مع “أقنعة القمر” (بوركينا فاسو)، والفن الملكي لفرقة «كورا» من مالي، والرقص الإيقاعي لفرقة «الأسود» من السنغال. أضف إلى ذلك حفلات لموسيقيين مختلفين كالموريتانية كمبان منت اعل وركان وتنتهي السهرة مع أحد أجمل أصوات الموسيقى الأندلسية الآتي من مدينة آسفي المغربية العريقة واسمه محمد باجدوب الذي يعتبر أحد أشهر مغني الموسيقى الأندلسية والسماع المغاربة.
الغنى الذي تعرفه ليلة الافتتاح يمتد إلى باقي العروض. طيلة 21 عاماً، شكّل «مهرجان فاس» علامة مميزة في خريطة المهرجانات الموسيقية في المغرب. استضاف سنوياً مروحة من الأسماء البارزة في بلدانها، تجمع بين الصوت المميز والإرث الثقافي العريق. هكذا يحضر أحد أجمل الأصوات الملتزمة مقاومة الشعوب الأفريقية للرأسمالية والديكتاتورية.

تنطلق السهرة مع عازف العود المغربي ادريس المالومي
إنّه تيكين جا فاكولي (24/5)، وسفيرة موسيقى الواسولو المتحدرة من جنوب نهر النيجر، المالية أومو سانغاري (24/5). ويقدّم بالاكي سيسوكو (25/5) وفاطوماتا دياوارا (26/5) حفلاتها في «متحف البطحاء». الموسيقى العربية تحضر بقوة مع أصوات صابر الرباعي (23/5) وحسين الجسمي (30/5) وبدر الرامي والسيرة الهلالية مع «موسيقيي النيل»، بينما يأتي المهرجان أيضاً موسيقيون من دول الهند وأذربدجان والنيبال والعراق.
لا يتوقف المهرجان عند هذا الحد، بل يقدم سلسلة ندوات تستعيد الإنسان بأبعاده الروحية والفلسفية مثل “الطرق الروحية، الطرق التجارية” (23/5) التي تستعيد طرق التجارة التي كانت تمتد من فاس إلى تومبكتو. طريق الذهب كما يطلق عليها المؤرخون كانت أيضاً درب الطرق الصوفية التي تحضر في دول أفريقيا جنوب الصحراء. وتلك تيمة الندوة التي تليها بعنوان “أفريقيا والمقدس” (24/5) التي تحاول تبيان أهمية التربية في الإخاء بين المنتمين إلى الديانات والفلسفات الروحية الأفريقية، ويحضرها صاحب «غونكور» (2011) أليكسي جيني. سلسلة الندوات تستمر مع رجل مغربي وصل بين القارات الثلاث، وكان المثال الأبرز على القدرة المذهلة للإنسان على تجاوز حدود الثقافة. إنّه حسن الوزان الملقب بـ”ليون الإفريقي” (26/5) الذي عايش نهاية القرن الـ 15 وبداية الـ 16 وأنجز الكتاب الجغرافي الشهير «وصف إفريقيا».

* «مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة»: بدءاً من اليوم حتى 30 أيار (مايو) ــ fesfestival.com