«ال بي سي» تغازل المشاهد الخليجي منذ سنوات، وقد نجحت في استمالته عن طريق «الجرأة»، بكل أشكالهاوها هي «المؤسسة اللبنانية للارسال» تدخل السباق الرمضاني، لحصولها على الحقوق الحصرية لـ «طاش ما طاش»، البرنامج الاجتماعي السياسي الكوميدي أثار ضجة واسعة في السعودية خلال السنوات الماضية.
نور خالد

في مشهد الدراما العربية اليوم، لا يمكن تجاهل المسلسلات الخليجية التي بدأت تحظى بحضور لافت على المحطات الفضائية. ربما كانت البداية الفعلية مع العمل السعودي الذي أطلّ برأسه لأول مرة قبل 15 سنة، صائحاً بلكنة خليجية: “أنا هنا.. أنا طاش ما طاش».
عامر الحمود مخرجاً وعبد الله السدحان وناصر القصيبي ممثلان كوميديان، والتركيبة ثلاثي أنجز مسلسلاً جماهيرياً، وافق الذائقة الخليجية ومزاج الشارع السعودي، وكان لسنوات دجاجة الذهب التي تفقس الاعلانات في القناة السعودية الاولى.
عمل الحمود مع الممثلين لموسمين قبل أن «تدب» المشاكل ويتفجر الصراع على خلفية الاستئثار بالنجاح. بعد سنتين، انفصل المخرج عن الممثلين وشكا الى المحاكم «سرقتهما» منتجه. وظلت المحاكم تتداول القضية طيلة 11 عاماً، قبل ان يتمكن الحمود من الخروج بفكرة «تحايلية». مسلسل آخر بعنوان :» طاش ما طاش الأصلي». يذكّر الأمر بمفردات السوق التجارية البحتة، حيث «الأصلي» و»التقليد» جنبا الى جنب. وفي المحصلة، سيعرض «الأصلي» على الفضائية اللبنانية (أل بي سي)، بينما يعرض القصيبي والسدحان عملهما على «أم بي سي» ضمن عقد بين الطرفين يقضي بأن تقوم الفضائية السعودية بعرض المسلسل حصرياً لمدة خمس سنوات، انتهى منهما موسم واحد هو رمضان الماضي.
المنافسة ستكون على أشدها اذاً، بين «ال بي سي» التي تفيد الارقام أنها باتت تغب الحصة الأكبر من السوق الاعلاني السعودي الوافر، وبين «أم بي سي» التي تتحرك ضمن مبدأ «أهل الدار أولى بالغنيمة». أما الأداة فمسلسل سعودي كوميدي «فش خلق» السعوديين، عبر توجيه انتقادات (مضبوطة في الغالب حتى لو تمادت في تجرؤها) الى ميكانيزمات تحكم الشارع هناك. وقد حقق العمل نجاحاً جماهيرياً كبيراً، تخطى دول الخليج إلى بعض بلدان الشرق الأوسط. وتميز العمل بطرح جريء، عبر قالب كوميدي، لقضايا يومية يعيشها المواطن السعودي ، من الخلل الاداري في المؤسسات الحكومية إلى المجتمع وتقاليده. وأثارت بعض الحلقات حفيظة المتشديين الذين طالبوا بايقافه، ووصل السجال حول المسلسل إلى غرف الدردشة على شبكة الانترنت.
لكن «طاش ما طش» استنسخ الى اثنين هذه السنة، وصار هناك «طاشان ما طاشان». وبين نسخة «أم بي سي»، ببطليها اللذين اختلف الشارع السعودي على ضرورة انفصالهما او استمرارهما كثنائي فعال لأكثر من عشر سنوات، ونسخة «أل بي سي» بمخرجها «الأصلي» الذي يراهن على موهبة 20 ممثلا مبتدئا، خضعوا لتدريبات «أكاديمية» مكثفة، كما على تصوير عدد من الحلقات خارج نطاق السعودية، سيكون الحكم النهائي للجمهور.
مسألة أخرى يتوجب توضيحها. وهي التهافت على عرض المسلسل على الفضائيات، ما يعني توجهه الى جمهور عربي غير سعودي. وبعيداً من رغبة هذه الفضائيات بمغازلة الشارع السعودي، فإن السباق على «طاش ما طاش» الذي وصل حد استنساخه، يتطلب البحث عن مواضيع لا تلبي فقط الذائقة السعودية، بل تهمّ أيضاً مشاهد اليمن او السودان او لبنان. ربما لهذا السبب تحديدا اتفقت «ال بي سي» مع الحمود على تصوير جزء من الحلقات في بيروت ودمشق وأمكنة أخرى.
الطريف في الامر أيضا، أن فكرة «دوبلة» مسلسل، ستكون سابقة في تاريخ الدراما العربية. الا أننا شهدناها في السنيما قبل ذلك.
كلنا يذكر «الراعي والنساء» لعلي بدرخان و»رغبة متوحشة» لخيري بشارة والفيلما عرضا في بداية التسعينيات، وتضمنا المعاجة ذاتها وإن بأبطال مختلفين. نجح الأول واحتفى به النقاد بينما فشل الثاني. فهل يتكرر الأمر مع «الطاشين»؟ ولأي فضائية ستكون المكاسب: فضائية «اهل الدار» أو «الشطار»؟