لكن مهلاً، ألم تتسرّب هذه الثقافة نفسها على مهل إلى الذهن الجمعي، وتحفر في خلاياه؟
هكذا صاحت امرأة بسائق الميكروباص، قبل وصوله إلى ساحة يتوسطها تمثال، أن يتوقف عند «الصنم»، من دون أن تفكّر لحظةً واحدة بخطأ المصطلح، كما سيختفي تمثال امرأة تدمرية عارية في مدخل متحف دمشق حرصاً على مشاعر روّاد المتحف. وسيغطّي أحد أساتذة كلية الفنون الجميلة في دمشق جزءاً من تمثالٍ عارٍ برداء أسود، لأسباب تتعلّق بالحشمة، فيما أطلق بعض هؤلاء على قسم النحت في الكلية اسم «قسم الأصنام»، عدا حوادث مجهولة عن تحطيم بعض مشاريع الطلبة. محنة تدمر ليست معزولة عن محنٍ مشابهة، حدثت بالأمس واليوم. ذلك أن هذه المدينة الأثرية العريقة كانت مهملة في الأصل، ولطالما كانت كنزاً لمهرّبي الآثار بغياب الحراسة الكافية، ومكاناً لقضاء حاجات العابرين في الخلاء، وموضوعاً للإنشاء في حصة التعبير عن أمجاد الملكة زنوبيا، وبالطبع حلماً للعجائز الأجانب في مشاهدة سحر شروق شمس الشرق. الآن فقط، لحظة هجوم الضباع على المدينة، نكتشف أهميتها، لكن المستغرب حقاً أن يشنَّ «مثقفون ثوريون»، بكامل عتادهم، حملةً مضادة لمن يدعو إلى حماية المدينة الأثرية من البرابرة، بذريعة «تحرير تدمر».
ينبغي إلغاء اسم «زنوبيا» من كتاب التاريخ، كما حصل لبابل بعد الغزو الأميركي