القاهرة ــ محمد محمود
عمر الشريف جاء شخصياً الى العيد. واحتشد جمهور غفير في المؤتمر الصحافي الذي نظمته نقابة الموسيقيين المصريين، في مناسبة اختيار حكيم للغناء خلال احتفالات تسليم نوبل للسلام. ماذا كان ليحدث لو أن مطرب الشعبي هو الفائز بالجائزة؟

لم يكن أحد من الحاضرين في المؤتمر الصحافي الذي عقده الفنان حكيم في القاهرة، يتوقع حضور عمر الشريف. كان الجميع يعرف أن النجم العالمي يزور الفندق حيث يقام الحدث. لكنهم لم يتوقعوا أن يدخل الى المؤتمر، ويجلس بالقرب من حكيم على المنصة، فرحاً باختيار المطرب الشعبي للمشاركة في حفلة توزيع جائزة “نوبل” للسلام.
أراد حكيم، على ما يبدو، تقديم الكثير من المفاجآت في المؤتمر الذي نظمته نقابة الموسيقيين المصريين: دعا “الجميع”، من خلال إعلانات غزت الصحف المصرية، إلى المشاركة في المؤتمر. ووجّه نداء لوسائل الإعلام المحلية والعربية لتغطية الحدث. وها هو يستعين بابتسامة النجم العالمي لتدشين انطلاقة جديدة، يستهلها بالغناء في حفلة نوبل، ثم إطلاق الألبوم الجديد، بعدما تراجعت شعبيته وأخفقت ألبوماته الأخيرة في تحقيق أي ربح يذكر في سوق الكاسيت.
عرف حكيم جيداً كيف يستثمر دعوة “نوبل”. فحوّل المؤتمر الصحافي إلى مهرجان شعبي حضره الكثير من معجبيه. أضف إلى ذلك أنه أعلن الحدث قبل شهرين من إقامة حفلة توزيع الجوائز، ما يعني أنه ضمنَ تغطية إعلامية لنشاطاته لأكثر من شهرين. وها هو مراسل التلفزيون المصري يعلن دعم المحطة ممثل مصر، “كما حصل يوم فاز السادات ومحفوظ وزويل والبرادعي بجائزة نوبل للسلام”. فيما طلب صحافي آخر “استقبال شعبي لحكيم في المطار بعد عودته من وارسو”!
إلا أن المطرب الشعبي استغلّ المؤتمر أيضاً ليردّ على من يتهمه بالتراجع، وسحب سعد الصغير بساط الغناء الشعبي من تحت قدميه.
لم يكن حكيم عصبياً ــ كما كان يحصل عادة عندما يسأل عن الصغير. وقال مبتسماً: “سعد مثل شعبان عبد الرحيم، يتميز بلون غنائي خاص، لكنه لا يقدم طرباً”. وأكد أن غيابه عن الساحة الغنائية لم يدم لأكثر من سنة، لذا رفض الحديث عن أي تراجع. وعزا الغياب إلى انشغاله في جولات أوروبية، عرض جزءاً منها في المؤتمر، مؤكداً أن دعوة نوبل جاءت نتيجة بحثه الدائم عن العالمية منذ عام 1994، على رغم أن الأغنية التي سيقدمها في الحفلة لم تكتمل بعد، “إذ انني أبحث عن كلمات مناسبة تعكس وجهة نظر العرب من السلام”.
أما عمر الشريف فلم يتحدث أبداً عن حكيم مطرباً. بدا كأنه لم يستمع أبداً إلى أغانيه. واكتفى بتكرار دروسه السابقة عن العالمية، مؤكداً أنها (أي العالمية) تبدأ من المحلية ضارباً المثل بنجيب محفوظ، متمنياً لحكيم الكثير من الحظ.
مطربو مصر
يسلط مؤتمر حكيم الضوء على التراجع الفني الذي يعيشه أبناء جيله من مطربي مصر: عمرو دياب، محمد فؤاد، إيهاب توفيق، هشام عباس ومصطفى قمر وغيرهم. تفطّن هؤلاء أخيراً إلى صعوبة الحفاظ على النجومية بعد سنّ الأربعين، وشرعوا البحث عن وسائل جديدة لحلّ المعادلة الصعبة.
ومن يتابع أخبار عمرو دياب يعرف أنّ بريق نجوميته لم يعد كما كان في السابق. وقد أدى سوء اختيار محمد فؤاد ومصطفى قمر لأفلامهما السينمائية، إلى عزوف الناس عنهما. وما ظهور رامي صبري الذي اعتبر امتداداً لعمرو دياب، ومحمد كمال كنسخة جديدة عن محمد فؤاد سوى تأكيد على تراجع مكانة “ملكي الجيل” كما يلقّبان. أما إيهاب توفيق فلم يفده هروبه من “روتانا” بشيء. واختفى وهج هشام عباس منذ سنوات حتى نسي الناس ذكر اسمه عند تعداد أسماء مطربي مصر.
أما حكيم، فقد حظي للمرة الأولى باهتمام خاص من نقابة الموسيقيين التي نظمت مؤتمراً ضخماً، ورصدت موازنة كبيرة لحفلة الاستقبال والملفات الصحافية التي تضمنت ملخصاً عن مشوار حكيم وصوراً كثيرة له، وأقلاماً طبع عليها اسمه... حتى قال أحد الحاضرين ساخراً: “كل هذا بسبب اختياره للغناء في الحفلة! ماذا كان سيحدث لو فاز بجائزة نوبل؟”.