عندما اعتلت إليسا منصة تحكيم برنامج «اكس فاكتور»، قلنا إنّ هذه النوعية من البرامج همّها الربح المادي مهما بالغت في الضحك على لحى المشتركين والجمهور، ولا تستحق سوى لجنة مماثلة! لكن أن تتنطح ملكة الـ«بلاي باك» لغناء قصيدة «موطني»، فهذه مصيبة فنية! القصيدة الوطنية التي كانت نشيد فلسطين لفترة، تحولت عبر زمن الانهيار العربي المتلاحق إلى نشيد يسكن وجدان الجمهور أكثر من أي أغنية وطنية ثانية.
أصوات عدة أبدعت في أدائها، إلى أن جاء أحد مشتركي «أراب آيدول»، فغناها ليثير شهية صاحبة «حبك تعب». هكذا، جرّبت حظها في اعتلاء منبر القصيدة والغناء الملتزم، ويا ليتها لم تفعل طالما أنها لم تكلّف نفسها عناء قراءة القصيدة بتشكيلها الصحيح وحروفها السليمة، أو الاطلاع على تاريخها ومكانتها الشهيرين. المهم أنّ حنجرة إليسا صدحت «موتِني» بدلاً من «موطني».

نسخ فيديو الأغنية ذاتها
التي يؤديها مراد السويطي
والحقيقة أن كل ما فعلته هو نسخ فيديو الأغنية ذاتها التي يؤديها المتخرّج في «سوبر ستار» الفلسطيني مراد السويطي، ولجوؤها إلى تكتيك «قص لصق» بالنسبة إلى الطريقة واللحن والتوزيع ذاتها، إلى درجة أنها وقعت في الأخطاء اللغوية نفسها التي سقط فيها، من دون أن تجاريه في خامة الصوت والحضور والإحساس. كل ما فعلته أنها حوّرت الكلام وبددت مضمونه الحقيقي، سواء لناحية الأداء «السكسي» أو لناحية المعنى عندما قلبت «همّه أن تستقلَّ» ــ والمقصود فلسطين طبعاً ـــ إلى «همّه أن يستقلْ» كأنها تغني لفتى أحلامها! وما الضير في ذلك طالما أنّها أدت النشيد بأسلوب الغنج المبالغ فيه وهو ورقتها الرابحة دوماً؟ ثم لعبت بالتشكيل على هواها وسكّنت نهاية الحروف كيفما اتفق! هذا ما أشار إليه الممثل والمخرج السوري سيف الدين السبيعي من خلال تعليق كتبه على صفحته الشخصية على الفايسبوك. لكن السيناريست سامر رضوان ذهب أبعد من ذلك عندما وجه رسالة فايسبوكية إلى الصحافيين حثّهم فيها على فضح حالة السرقة الواضحة من السويطي. بذلك، فتح باب حملة نقدية تردد صداها في عالم التواصل الاجتماعي. رغم ذلك، وجدت حفنة من مرتادي الموقع الأزرق الفرصة سانحة لتولي مهمة الدفاع عن نجمتهم المفضلة طالما أنّه لا يعنيهم تسطيح الذوق العام والعبث بوجداننا وما تمثله لنا هذه الأغنية.
يُفترض أن يكون هناك عاقل واحد في بلاط «أميرة الإحساس» لينصحها بمجافاة غناء القصيدة طيلة فترة توليها عرش النجومية لانعدام الحد الأدنى من مقومات غناء القصيدة لديها. مقومات تتمثل في مخارج حروف سليمة، ونطق معافى ومعرفة ولو عابرة بقواعد اللغة العربية. ولعله ينفع أيضاً أن ينبهها إذا قررت المغامرة والتورط في غناء هذه القصيدة متحدية إمكاناتها المتواضعة، ألا يكون غناؤها مجرد استنساخ باهت عن مغن آخر. وسط هذه المعمعة، يصفعنا خبر آخر يفيد بأن كل هذا الهجوم لن يثني النجمة اللبنانية عن إعادة غنائها في حلقة «اكس فاكتور» المقبلة. ويبقى خبر رفع دعوى قضائية من مراد السويطي على سرقة توزيعه غير مؤكدٍ، وبخاصة أنّ من يستحق الاعتذار هو طيف الراحل ابراهيم طوقان وعموم الجمهور العربي.