
في حالة الشيخ إمام عيسى، تتبدّى تلك المفارقة أكثر وأكثر. فإمام الذي ألحقه أبوه بالجمعية الشرعية في القاهرة، حيث أكمل حفظ القرآن ليحمل لقب الشيخ، كان عاشقاً لصوت الشيخ محمد رفعت. لكنّ الجمعية فصلت إمام، لأن أحد شيوخها ضبطه يستمع إلى تلاوة رفعت عبر «بدعة» هي جهاز الراديو. خشي المراهق الضرير من العودة إلى قريته ولم يتمكن حتى من حضور جنازة أمه.
هكذا عاش لياليه يبيت في مساجد الحسين، حتى تعرف بشيخ أزهري آخر هو الأسطورة درويش الحريري (1881 – 1957). علّمه هذا الأخير غناء الموشحات، وأسرار المقامات الموسيقية. ثم تعرف إمام بالملحن الكبير الشيخ زكريا أحمد، وغنّى في جوقته أواخر الثلاثينيات... قبل أن يشبّ خلاف بينهما، بسبب ترديد إمام في جلساته الخاصة بعض ألحان زكريا لأم كلثوم قبل أن تذاع تلك الألحان رسمياً. ثم خرج إمام ليتـعلم عزف العود على يد صديقه كامل الحمصاني ويبدأ مشوار التلحين.