كان لافتاً في المؤتمر الصحافي لإطلاق «مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر»، العذوبة التي تطبع أداء ميا حبيس المديرة الجديدة لهذا الملتقى المميّز. إنّها امرأة الرهانات الهادئة في الظاهر، الجريئة في العمق. عند كل لقطة يوتيوب للأعمال المشاركة، من البلجيكي تييري سميث إلى الثلاثي السويدي «بروباغاند سي»، مروراً بالمجريّة إيفا دود، أو البلجيكي يان مارتينز، كانت تلطّف من وقع المشاهد الحسيّة. كأننا بميا، رفيقة درب الكوريغراف والراقص عمر راجح، وخليفته على رأس BIPOD، تؤكّد أن ليس في الابداع الحقيقي الذي يغوص في أغوار النفس، ما يتناقض مع القيم الانسانيّة.
ميا حبيس ليست غريبة عن المهرجان، لكنّها تضع بصماتها على دورته الجديدة التي تنطلق الليلة في «مسرح المدينة». 13 تجربة خاصة في تسع أمسيات، تتمحور حول الجسد الحميم الذي يضعنا في وضعيّة التلصص. كما تحضر الكوميديا، أي الضحك من العالم وقواعده الصارمة، في زمن الأزمات والأصوليّات والعنف. الجسد المفرد، في مواجهة راهن أليم يتهددنا بالصمت وتعقيم المشاعر والتخيلات والحواس. نعرف منذ الآن أن الحصاد سيكون وفيراً. وستحظى بيروت بفرصة اكتشاف أصوات وتجارب وأسماء من الرقص المعاصر، مستعيدة أكرم خان وسيدي العربي الشرقاوي وغيرهما. لكنّنا نرنو منذ الآن إلى العام ٢٠١٦، متمنّين أن يتميّز بحضور حاسم للأعمال اللبنانيّة والعربيّة، ما يفترض أولويّات تمويل تتجاوز التعاون مع السفارات الاجنبيّة. كما نتوقّع من BIPOD أن يصبح قادراً على انتاج عملين أو ثلاثة من المنطقة أيضاً. أليس معيار النجاح هو التجذّر في البيئة الحاضنة، والقدرة على دعم التجارب المحليّة وإطلاقها؟