صنعاء | في عام 2011، نالت اليمنيّة توكّل كرمان جائزة نوبل للسلام، على خلفية جهودها الكبيرة والسلمية لإسقاط نظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. كانت تصرخ في الميادين في مواجهة رصاص النظام هاتفة: «كلّما زدنا شهيداً يا علي، اهتز عرشك». وبالفعل، سقط شهداء كُثر وسقط نظام صالح جزئياً. هكذا، كان ظهور هذه الصحافيّة التي تدّربت في جرائد تابعة لـ«الإخوان المسلمين» في اليمن، وخطت على طريق الأقلام ذات الأصوات المرتفعة.لكن يبدو أنّ شيئاً كبيراً تغيّر في سيرة كرمان بعد نيلها نوبل، إذ أصبحت تصرّفاتها مناقضة لمعنى «السلام». لقد غفلت عن هذا، أو أنّها رمته وراء ظهرها وهي تذهب للوقوف وراء الإخوان بشكل أظهر أنّها لم تقدر على استيعاب فكرة نيلها تلك الجائزة التي تفرض عليها الترفّع والابتعاد عن أيّ انتماء حزبي أوعقائدي محدود، والانطلاق نحو فكرة السلام التي لا يحدّها انتماء جغرافي أو عرقي أو عقائدي أو مذهبي.

سبق أن ساندت الصحافية الإخوان في مصر في أعمال العنف التي اقترفوها في المحروسة، قبل أن تقف وراء حزبها الديني في اليمن، داعمةً موقفه المعارض لجماعة الحوثي، حتى قبل سيطرة «أنصار الله» على صنعاء في أيلول (سبتمبر) 2014. واليوم، تقيم رئيسة منظمة «صحافيات بلا قيود» في تركيا، حرصاً على حياتها. من هناك، أسست قناة «بلقيس» التي ظهر خلال فترة بثّها التجريبي أنّها ناطقة باسم توكّل كرمان ومعبّرة عن خواطرها الشخصيّة ونزعتها العنفية.
هكذا، واصلت كرمان تأييد العنف، لكن هذه المّرة من خلال تأييدها الصريح للعدوان السعودي على بلادها عبر تغريدات تشكر فيها الملك سلمان بن عبد العزيز لوقوفه إلى جانب «الشرعية اليمنيّة».
ليس هذا فقط، بل قرّرت السفر إلى الرياض لتأكيد تأييدها لصاحب «الشرعية» أي الرئيس اليمني الحالي عبد ربّه منصور هادي المقيم حالياً في المملكة. لكنّ الغريب أنّه قبل أيّام قليلة، كانت كرمان تتبنى مواقف صارخة وواضحة تهاجم قيادة مملكة «الأرض الحرام»، متهمةً أمراءها وحكومتها بـ«الخرف». كما لم تتوقف عن مهاجمة عبد ربّه منصور هادي نفسه وتصفه بـ«فاقد الشرعية»، خصوصاً أنّه لم يكن عنيفاً كما ينبغي لصدّ جماعة الحوثي، غير منتبهة مرة أخرى إلى أنّها شخصية سلام تروّج للعنف!
إذاً، يبدو أنّ كرمان تراهن على أنّ الناس لا يتذّكرون محتوى الشعارات التي كانت ترفعها سابقاً. إنّها تفعل كل هذا من دون اكتراث، وتنتقل من محطة عنف إلى أخرى، من دون الالتفات مرّة إلى الوراء. تتناسى أنّها كحاملة لجائزة تُعنى بالسلام لا يمكن لها الدعوة إلى حرب وتأييد العدوان الهمجي الذي يقتل أبناء شعبها.