حصاد الميديا 2015 | مقارنة بالسينما والمسرح والدراما، شهد سوق الميديا المصري تقلبات وتحولات وأزمات وصدامات غير مسبوقة في عام 2015، ما جعله يحوز لقب العام الأكثر سخونة على الإطلاق في هذا السوق منذ ثورة «يناير 2011».ليس سهلاً اختزال ما جرى في سوق الميديا المصرية على المستويات كافة طوال عام 2015. الميديا التي منحتها الثورة المصرية فرصة الانطلاق والتحرر من قيود النظام الحاكم، لا تزال تلف في الدائرة نفسها بعد تحولات سياسية واجتماعية عنيفة شهدتها المحروسة طوال السنوات الخمس التي أعقبت الإطاحة بمبارك: ديكتاتورية شعبية نتجت عن مخاوف خلّفها عامٌ من حكم الإخوان، رؤية قاصرة من النظام الحالي تعتبر الإعلام بوقاً لا ناقداً للسلطة، سيطرة وجوه بعينها لم تمارس المهنة قط، غياب وجوه أخرى كان ممكناً أن تسهم في توازن المعادلة، إلى جانب الكثير من الأزمات الاقتصادية... كل ذلك أنتج فوضى إعلامية عارمة ظلت ممتدة حتى الأيام الأخيرة من عام 2015 وسط توقعات بأن تستمر على النهج نفسه في عام 2016 اللهم إلا إذا صدرت القوانين المنظمة لهذا السوق ببنود فعالة وبإرادة تنفذ تلك القوانين على الجميع من دون استثناء.
ديكتاتورية شعبية، والنظام الحالي يعتبر الإعلام بوقاً لا ناقداً للسلطة!

على المستوى المالي، تخلصت أغلبية القنوات من عدد كبير من العاملين، خصوصاً في الأشهر الستة الأولى سواء بتسريح نسبة من الإجمالي أو بوقف برنامج أو إغلاق قناة. هذا ما حدث مع الإعلامي معتز الدمرداش الذي لم يبدأ العام الحالي مع قناة «الحياة» وانتقل إلى «أم. بي. سي. مصر». كما غادر العديد من الإعلاميين قناة «التحرير» بعدما تحولت إلى قناة TeN مثل جيهان منصور، وإيمان عز الدين. كذلك، غادرت منى سلمان قناة «دريم»، وأغلقت شبكة «سي. بي. سي» قناة «سي. بي. سي. 2». وأوقفت قناة «أم. بي. سي» البرامج الرياضية وامتنعت لاحقاً عن شراء مباريات الدوري المصري. أما على مستوى الأزمات التي ارتبطت بشخصيات الإعلاميين أو مضمون برامجهم، فلم يمر شهر واحد من دون أزمة كبيرة على الأقل. بدأ 2015 بهاشتاغ يطالب بطرد الإعلامية اللبنانية ليليان داوود من مصر بدعوى معارضتها للنظام القائم. لكن داوود صمدت ووصلت إلى عام 2016 وهي لا تزال على لائحة قناة «أون. تي. في». ثم خاضت قناة «القاهرة والناس» معركة بسبب برنامج «مع بحيري» من تقديم الباحث إسلام بحيري الذي اعترض عليه الأزهر رسمياً. توقف البرنامج في النهاية ولا تزال المحاكم القضائية الابتدائية تنظر في قضايا تم تحريكها ضد بحيري الذي اتُّهم «بإهانة الصحابة والمقدسات الإسلامية». كذلك، نشبت أزمة بين قناة «أم. بي. سي» والصحافي إبراهيم عيسى توقف على إثرها برنامجه «الـBOSS» والسبب غير المعلن هو انتقادات وجّهها عيسى لسياسات المملكة العربية السعودية سواء عبر قناة «أون. تي. في» أو في جريدته «المقال» التي أصدرها في شباط (فبراير) من العام نفسه. لاحقاً، انتقل عيسى إلى قناة «القاهرة والناس» للسبب نفسه، إذ أعلن مالك قناة «أون. تي. في» نجيب ساويرس أنه يكنّ كل الاحترام لعيسى، لكنه لا يوافق على هجومه المستمر على المملكة. في العام نفسه، أصدر عيسى جريدة رياضية بعنوان «الفريق»، بينما يستعد لإطلاق مجلة متخصصة في الشأن السينمائي بعنوان «فرجة» خلال أيام. العام نفسه شهد ظهوراً وغياباً خاطفاً للإعلامية ريم ماجد التي كانت قد ابتعدت عن الشاشة بعد «ثورة 30 يونيو». عادت ماجد ببرنامج مسجل بالتعاون بين «أون. تي. في» و«دويتشه فيله». لكن بعد الحلقة الثالثة، أعلنت القناة المصرية تعرضها لضغوط حالت دون استكمال بث الحلقات، لتظهر ماجد فقط عبر الشاشة الألمانية. العام نفسه شهد مسلسل اعتداءات بدنية ولفظية طالت الوفود الإعلامية المصاحبة للرئيس عبد الفتاح السيسي في نيويورك ولندن وباريس. وأبرز المستهدفين الإعلاميان أحمد موسى ويوسف الحسيني، فيما تصدر قائمة الإعلاميين المثيرين للجدل هذا العام ثلاثة هم: وائل الإبراشي الذي تعرض للسبّ على الهواء مباشرة من المنتج أحمد السبكي، والإعلامية ريهام سعيد التي شغلت الرأي العام طوال 2015 بكيفية مقاربتها لبعض القضايا مثل «علاقة الجن بفتيات في قرية في ريف مصر» و«المساعدات المقدمة للاجئين السوريين في بيروت»، وأخيراً حلقة «فتاة المول» (الأخبار 29/10/2015) الشهيرة التي أبعدتها عن شاشة تلفزيون «النهار» منذ أسابيع. وليس معروفاً بعد ما إذا كانت ستعود في 2016 أم لا. وكان الإعلامي أحمد موسى الأكثر إثارة للأزمات طوال العام، إذ نجا من حكم بالحبس في قضية سب وقذف حركها ضده السياسي والكاتب أسامة الغزالي حرب. كما انفرد باتصال هاتفي مع الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك بعد حصوله على البراءة في قضية قتل المتظاهرين وخاطبه يومها بعبارة «سيدي الرئيس» من دون ذكر صفة «السابق» وصولاً أخيراً إلى التشهير في المخرج والنائب خالد يوسف وعرضه صوراً تخترق خصوصية يوسف. أمر أدى إلى انطلاق حملة غاضبة ضد موسى انتهت من دون أن تترك أثراً، إذ اعتذر هو لخالد يوسف وتصالح مع منتقديه، فيما اكتفى المخرج المعروف بالصمت.