لم تحتمل قناة mtv عرض «أبناء وقتلة» من سلسلة «أبرياء ولكن» (قصص مقتبسة عن أعمال لأغاثا كريستي أعدّها الكاتب السوري عبد المجيد حيدر وأخرجها سمير حبشي) إلا ثلاثة أيام، ثم أوقفت العرض. سارع منتج العمل مروان حداد «مروى غروب» إلى تبرير السلوك المفاجئ للقناة وتبنّيه عندما قال لـ»الأخبار» «طُلب مني إعادة مَنتَجة بعض المشاهد الجريئة» (الأخبار 12/2/2015).
وأضاف: «كنت أرى أنّ هناك مشاهد جريئة يجب التقليل منها، لكن اعتقدت أنّه سيتمّ تقبّلها». لكن يمكن لمشاهد المسلسل الملاحظة بأنّ نشرة الطقس التي تقدّمها mtv أكثر جرأة من المسلسل البوليسي الذي يبتعد عن إثارة مواضيع ذات علاقة بالجنس أو الحب، مقارنة بمحاولاته الحثيثة لتقديم جرعة بوليسية خالصة.
يحاول «أبناء وقتلة» الخوض في خبايا جريمة قتل اتُّهم بها شاب هو ابن بالتبني لإحدى العائلات الثريّة، ثم يموت منتحراً في زنزانته. بعد ذلك، يبدأ تكشّف الخيوط أولاً بأوّل مع عودة الذاكرة لأمل (ديامان بو عبود)، وهي سيدة تشاهد خبر انتحار الشاب في الأخبار وتتذكّر أنه كان برفقتها مصادفة يوم الحادث، وتحاول إثبات براءته وإعادة فتح التحقيق.
نشرة الطقس التي تقدّمها mtv أكثر جرأة من المسلسل!
تكتشف أمل الحياة الجديدة التي عاشتها أثناء فقدان الذاكرة، وكمّ التغيير الذي لحق بها بلا إرادتها وزواجها بطبيبها (وجيه صقر) من دون أن تتوقف الموسيقى المعاصرة عن مرافقة الحدث بشكل مكثف. يقوم العمل على هذا النوع من الموسيقى اللامقامية التي تعتمد على النبض الإيقاعي المتنوّع تيمّناً بأفلام الرعب، ورغبةً في خلق حالة من التوتر والترقب لدى المشاهد، وتمكين عنصر المفاجأة من السيطرة على المشهد. لكن استخدام الموسيقى حتى في المشاهد العادية أفقدها جوهرها، وصارت سبباً منفراً إلى جانب الإضاءة الخافتة التي اختارها المخرج لجميع المشاهد، وسيطرة روح رتيبة على الحالات الدرامية والحوارات. حتى لو كانت الشخصية تحتسي فنجان قهوتها الصباحية في يوم مشمس، فإننا في «أبناء وقتلة» سنتابع المشهد وسط إضاءة مُعتمة وأجواء موتورة وموسيقى رعب وحالة ترقّب لا طائل منها. وما يزيد ذلك سوءاً الحوارات العادية التي كتبها عبد المجيد حيدر التي تصل في أماكن معينة إلى مستوى كبير من السطحية، والدوران حول الفكرة ذاتها من دون أن نتابع جملة واحدة مشوّقة. أبرز مثال على هذه الحوارات ما شاهدناه في مكتب المحقّق (غابريال يمّين) الذي قدّم استقالته وعاد إلى المحاماة وسكرتيرته (سنتيا خليفة) التي تحاول فتح ملفّ القضية مجدداً بالاعتماد على أربع جمل بمفردات مختلفة تعيد تكرارها على مدار الحلقات الثلاث.
ورغم حالة الغمّ التي يصنعها المخرج ومحاولاته الدؤوبة لخلق مساحة من التشويق، إلا أن الأداء البارد والنبرة الخطابية عند معظم الممثلين، لا يوحيان بحصول جريمة قتل، ولا بحالة التوتر التي يريد المسلسل إيصالها. لا يمكن الجزم في السبب الذي جعل mtv تتوقّف عن العرض. لكن إذا كانت بقية الحلقات على هذا المستوى، فمن المؤكّد أن العمل لن يتمكّن من تحقيق الحدّ الأدنى من الجماهيرية حتى لو استؤنف عرضه اعتباراً من 23 شباط (فبراير) الجاري وفق ما أفادنا به منتجه.