صنعاء | فَقدَت الناشطة والصحافية توكل كرمان جمهورها اليمني بعدما سقطت سلطة جماعة الإخوان المسلمين التي تنتمي إليها، وصارت في أيدي جماعة الحوثي الذين انقلبوا على الجميع وأصبحوا السُلطة الأولى في اليمن. تحوّل كبير أدى إلى ظروف جديدة أعاقت عودة صاحبة «نوبل للسلام» (2011) إلى صنعاء وإقامتها بين إسطنبول والدوحة.
وهكذا حُرمت كرمان من جمهورها. تموت هذه الناشطة وتنقرض لو اختفى هذا الجمهور. نتذكّر في أيام «ثورة الشباب» اليمنية عندما كانت تصعد إلى مسرح ساحة الاعتصام في «جامعة صنعاء» وتخطب أمام شباب الثورة بصوت جهوري، قائلة من قلبها «أهلاً بكم يا شعبي العظيم». ما قيمة الحياة بلا جماهير! الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح انتهى لمّا انصرفت عنه الجماهير. فتح لنفسه فضائية خاصة كي يُعيد صناعة جمهوره الخاص ولو على شاشة صغيرة ليحكي أمامه. وها هي كرمان تسير على خطاه في سبيل مقابلة جمهورها مجدداً بعدما افتتحت قناتها الخاصة «بلقيس» الأربعاء الماضي في بثّ ترويجي، يسبق موعد البث التجريبي في 18 آذار (مارس).
من الواضح أن اختيار موعد البثّ الترويجي (11 فبراير) لم يكن اعتباطياً. إنّه التاريخ الرسمي لانطلاق «ثورة الشباب» التي أطاحت صالح، وتقول صاحبة «نوبل» إنها قائدتها. ويبدو الأمر تصدياً لخطابات جماعة الحوثي التي بدأت تقول بأنّ 21 أيلول (سبتمبر) الماضي هو يوم الثورة الحقيقية، بعد نجاحها في اجتياح صنعاء وأخذ السلطة.
تنطلق «بلقيس» رسمياً
في آذار (مارس) المقبل
لكنّ مدير قناة «بلقيس» الصحافي أحمد الزرقة يقول لـ»الأخبار» إن اختيار موعد البث الترويجي جاء احتراماً لذكرى انطلاق «ثورة الشباب»، وتأكيداً على أنّ أهدافها لا تزال في طور التحقّق. ولفت إلى أن البث التجريبي يتوافق مع يوم ذكرى «مجزرة الكرامة» التي كانت الحدث المفصلي الذي سرّع في إسقاط صالح. ظهر البث الترويجي لـ»بلقيس» بمجموعة من النقاشات السياسية والأناشيد والأغاني الوطنية، إضافة إلى إعادات لأوبريت أُنتج قبل عامين (إعداد الموسيقار أحمد فتحي) وصُرفت عليه ميزانية من رصيد كرمان. وعن الخط العام للقناة بعد انطلاقتها من تركيا (قبلة الإعلام الإخونجي ــ الأخبار 6/1/2015) وتماهي خطابها مع جماعة الإخوان التي تنتمي إليها كرمان، يجيب الزرقة «تمّ الاتفاق مع كرمان على حقّها في وضع السياسة العامة لـ»بلقيس»، على أن يكون الأداء اليومي وإدارة التحرير محصورين بأسرة القناة التي تتألف من كوادر شبابية يمنية. لقد اتفقت الكوادر على مجموعة من المصطلحات سيكون التعامل الإخباري على أساسها، وبشكل مهني ومُنصف تجاه مختلف الأطراف السياسية في اليمن. لن يتمّ تجاهل أي فعل إيجابي يقوم به الحوثيون، ولن يكون هناك استهداف متعمد لهم أثناء صياغة الأخبار أو خلال البرامج المُباشرة التي تغطي الشأن السياسي اليومي في البلد». ويشير إلى أنّهم يسعون إلى وضع «بلقيس» على قائمة الشاشات الأكثر مُشاهدة، عن طريق اعتمادهم فكرة القناة الحَدثية المتخصصة في متابعة الشأن السياسي اليومي بشكل مباشر، بمساعدة طاقم مراسلين في مختلف المدن اليمنية يتم ربطهم في مركز القناة في تركيا عن طريق مكتب فرعي في صنعاء. لن يكون أمام المشاهد إلا انتظار ما سيأتي من مِهنية على «بلقيس»، ومستوى تطابق خطابها مع لهجة مالكتها الساعية إلى إعادة علاقتها مع جمهور افتقدت لّذة وقوفها أمامه.