برلين ــ وراد كدوهذه السنة، ينهض «مهرجان برلين السينمائي الدولي» بحراك قوي على أكتاف مخرجين شباب يقدمون أساليب وتنويعات جديدة، وآخرين مكرّسين من عيار تيرينس ماليك، وفيرنر هيرتزوغ، وبيتر غرينواي، وجعفر بناهي وغيرهم. الدورة الـ 65 التي افتتحت قبل أيام، تختتم مساء 14 الحالي بإعلان الأفلام الفائزة التي توّجتها لجنة تحكيم يترأسها الأميركي دارين أرونوفسكي الذي فاز فيلمه «المصارع» (2008) بـ «الأسد الذهبي» في «البندقية». الافتتاح كان مع «لا أحد يريد الليل» للاسبانية ايزابيل كواكسيه المشغولة بتيمات الشغف بحدوده القصوى كما رأينا في فيلمها السابق Elegy المقتبس عن رواية لفيليب روث. في هذا الشريط الذي تدور أحداثه في القطب الشمالي عام 1908، تؤدي الممثلة الفرنسية جولييت بينوش دور امرأة عنيدة، محيلةً إلى جوزفين بيري زوجة المستكشف الأميركي روبرت بيري المعروف بأنّه قاد أول حملة استكشاف للقطب الشمالي عام 1909.

امرأة ساذجة لكن ذات عزيمة تذهب على خطى زوجها في القطب الشمالي، حيث تتعرف إلى امرأة تساعدها وسرعان ما تكتشف أنّها عشيقة زوجها. يشارك هذا الفيلم في المسابقة الرسمية التي تشمل 19 عملاً تتنافس على جائزة «الدب الذهبي». أفلام المسابقة تمثل ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وبريطانيا، وهولندا، وروسيا، والولايات المتحدة، والصين، واليابان، وبولندا، وكوسوفو، وسويسرا، وبلغاريا، وهونغ كونغ وبلجيكا... ومن بين تلك الأعمال المنتظرة، «فارس الكؤوس» الذي كتبه وأخرجه المعلم الأميركي تيرينس ماليك. إنّها قصة رجل يبحث عن الحبّ والحقيقة بمشاركة كريستيان بيل، وكيت بلانشيت، ونتالي بورتمان. يدور الفيلم حول مخرج سينمائي في هوليوود يعيش حياة مليئة بالهلوسات. سيبدأ رحلة البحث عن روحه، متخلياً عن إدمانه الهائل على النجاح، وساعياً إلى السلام والسعادة والحب. فيلم يذكرنا بشريط «مولهاند درايف» (2001) لديفيد لينش. جعفر بناهي الذي فتك «الدب الفضي» في برلين عن فيلمه «تسلل» عام 2006، يعود بشريطه «تاكسي». هنا سيقود سيارة أجرة في شوارع طهران المزدحمة، ليظهر لنا الواقع السياسي والاجتماعي في إيران. ومن الأعمال المنتظرة في «البرليناله» شريط الألماني فيرنر هيرتزوغ «ملكة الصحراء».
يتابع بيتر غرينواي في «ايزنشتاين في غواناجاتو» رحلة سيرجي ايزنشتاين إلى المكسيك لانجاز فيلم


مع نيكول كيدمان، وجيمس فرانكو، وروبرت باتينسون، وداميان لويس، والسوري جهاد عبدو، نتابع سيرة عالمة الآثار والرحالة والسياسية البريطانية المثيرة للجدل غيرترود بل (كيدمان) التي عملت مستشارة للمندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس في بدايات القرن الماضي، ووصفها عبد الرحمن منيف بـ«شخصية فذة ودورها بالغ الأهمية، إن لم يكن حاسماً، في الصيغة التي أخذتها المنطقة في أعقاب الحرب العالمية الأولى من حيث العلاقة مع بريطانيا، ومن حيث نوعية الحكم الذي قام في العراق». التاريخ يطل أيضاً من خارج المسابقة. في «أفيريم» للروماني رادو جود، نشاهد الصراع بين رومانيا والغجر وحالة الاستعباد التي كانت تواجه الغجر في القرن التاسع عشر في مقاطعة رومانية صغيرة. مشكلة أساسية لم تعالج حتى اليوم. أيضاً خارج المسابقة، نذهب إلى ألمانيا النازية، حيث يروي «إلسر» قصة جورج إلسر النجار الألماني الذي قام بأول محاولة لاغتيال أدولف هتلر عام 1939 في ميونيخ، وقبض عليه وسجن لخمس سنوات ثم أعدم في معسكر داخاو. الشريط يحمل توقيع أوليفير هيرشبيغل، صاحب الفيلم الشهير «السقوط» (2004) عن الأيام العشرة الأخيرة في حياة هتلر.
وضمن المسابقة، يعرض الفيلم المنتظر للمعلم البريطاني بيتر غرينواي. في «ايزنشتاين في غواناجاتو» الذي صوِّر في هولندا، نتابع رحلة مايسترو السينما السوفياتية سيرجي ايزنشتاين (1898 ـــ 1948) إلى المكسيك لانجاز فيلم. هناك، يأخذه أحد السكان المحليين ليعرّفه إلى المنطقة، فيتحرر ايزنشتاين من مخاوفه من خلال استكشاف عالم من الملذات الحسية والجسدية، ومروحة من الاحتمالات التي ستنقله من موقع السينمائي المفهومي إلى الفنان المشغول بالوجود الإنساني.
من خارج المسابقة، يأتي فيم فندرز الذي سيكرّم في المهرجان، ويعرض أيضاً فيلمه «كل شيء سيكون بخير». مع جيمس فرانكو وشارلوت غينسبور، وراشيل ماك آدامز، وماري خوسيه كروز، يروي الشريط الألماني قصة كاتب يتعرّض لحادث سير مأساوي، فيقتل طفلاً. هذا الحدث يقلب حياته، فيمضي الأعوام الـ 12 التي تليها محاولاً التعايش مع المأساة التي سبّبها للأم، وباحثاً عن المغفرة. وستكون ألوان المخرج وشاشته الثلاثية الأبعاد خياراً أسلوبياً وفنياً يلجأ إليه من جديد. للتشويق والإثارة حصة في المهرجان مع مجموعة من الأفلام من بينها «ملكة الأرض» للأميركي أليكس روس بيري. «ثريلر» نفسي يروي حكاية صديقتين التقيتا مصادفة بعد سنتين، فتقرران الذهاب في رحلة لمدة أسبوع للهروب من ضغط الواقع والعمل، وتبدأ القصص والمخاوف بالظهور واضعةً إياهما في مواجهة لأصعب التفاصيل التي ستعذبهما.



المشاركة العربية

قليلة هي الأفلام العربية المشاركة في الدورة 65 من المهرجان، أبرزها شريط غسان سلهب «الوادي» (ضمن تظاهرة «منتدى»). الفيلم الذي عرض في «مهرجان تورنتو» وفاز بجائزة أفضل مخرج من العالم العربي في «مهرجان أبوظبي 2014» تدور أحداثه في منطقة البقاع اللبناني حيث يفقد رجل ذاكرته بعد تعرّضه لحادث سير. ومن لبنان أيضاً، يعرض «ثمانية وعشرون ليلاً وبيت من الشعر» لأكرم الزعتري الذي يدور في استديو تصوير فوتوغرافي قديم يدعى «استوديو شهرزاد». ومن مصر، يشارك محمد شوقي حسن بشريطه «على صعيد آخر» الذي يتحدث عن رجل مصري يعيش في نيويورك، ومتابعته للأحداث السياسية في بلده وكيفية تعامل الإعلام معها، فيما يركز «برّه في الشارع» لفيليب رزق وياسمينة متولي على 10 عمال من أحد أحياء الطبقة العاملة المصرية، يشاركون في ورشة للتمثيل. خلال التدريبات، يروي هؤلاء العديد من قضايا الاستغلال التي يتعرضون لها من قبل أصحاب العمل. ويضم البرنامج الرئيسي لفئة «بانوراما» عروض: «البحر من ورائكم» الفيلم الروائي الطويل الثالث للمغربي هشام العسري، و«ذكريات محقّق خاص» لرانيا إسطفان، و«هل قتلت دباً أو أصبحت جميلة» لمروة أرسانواز (لبنان)، و«20 مصافحة من أجل السلام» للفلسطيني مهدي فليفل، و»لادولسي سورية» (سورية الحلوة) لعمار البيك، و«أكابيلا» لإسلام سيف الدين محمد (مصر)، ووثائقي «أوديسا عراقية» لسمير جمال الدين، و»حب وسرقة ومشاكل أخرى» لمؤيد عليان (فلسطين).