بانتقاله من قناة mtv حيث كان يقدّم برنامج «إنت حرّ» إلى «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، حيث يقدّم اليوم برنامج «حكي جالس»، بدا واضحاً أنّ جو معلوف يريد إحداث اختلاف ما، إن لناحية الأداء أو المواضيع المطروحة أو طريقة المعالجة. الجمهور لاحظ اختلافات معيّنة على أكثر من صعيد طبعاً، لكن معلوف بقي محافظاً على أسلوبه، الذي يعتمد على الوعظ والتنظير، ما ولّد نفوراً لدى كثيرين.
ولادة المشروع عبر lbci لم تكن سهلة بسبب التعديلات التي أجريت على البرنامج كي يتناسب مع أفكار رئيس مجلس إدارة المحطة بيار الضاهر، الذي طالب بالتعديلات ليكون مشروعاً اجتماعياً يلائم توجّهات القناة، وفق ما قاله الإعلامي اللبناني سابقاً لـ«الأخبار». وأضاف إنّه بات متحرّراً من المحظورات، وسيحرص على طرح مواضيع اجتماعية منوّعة، مستفيداً من سقف الحرّية العالي عبر lbci (الأخبار 30/12/2013).
اليوم، وبعد أكثر من عام على الانطلاقة الجديدة، صار الاختلاف أوضح، وخصوصاً في تفرّد «حكي جالس» (الإثنين ــ 21:30 على lbci) بمواضيع وقضايا دسمة، ومتابعتها حتى النهاية، كما حصل في قضية بيع الأطفال، التي أوقف فيها طبيبَان لبنانيّان، بناءً على إخبار قدّمه معلوف إلى المدعي العام التمييزي سمير حمود، وتحقيقات القاضي رامي عبدالله. طبعاً، لا يمكننا أن ننسى قضية مقتل الشاب إيف نوفل في كفرذبيان (قضاء كسروان) التي تابعها البرنامج منذ البداية، وكان له دور لافت في توقيف المتورطين فيها.
ساهم في توقيف طبيبين لبنانيين في قضية بيع الأطفال

طوال الأسبوع الماضي، شُغل المواطنون ببلال بدر، الذي عُرض له فيديو صوّره شخصياً أثناء ضرب طفليه وإهانتهما، انتقاماً من والدتهما التي أظهر «حكي جالس» أنّها غير قادرة على تربيتهما، وأنها سكتت طويلاً عمّا يتعرضان له من تعنيف لفظي وجسدي.
أما أوّل من أمس، فبرزت محطات عدّة خلال الحلقة، أهمّها قضية تحرّش رئيس إحدى شركات الملابس الشهيرة في لبنان بالفتيات اللواتي يتقدمن للعمل فيها، وقد وثّقها البرنامج بالصوت والصورة، قبل أن يواجه الرجل الذي تبيّن أنّه محامٍ. فما كان من هذا الأخير إلا أن واجه فريق «حكي جالس» بالتهديد والوعيد. إلى جانب استضافة شقيقة ووالدة إليان صفطلي، التي قضت بعيد وفاة الشاب إيف نوفل نتيجة الرصاص الطائش أيضاً، طرح البرنامج قضية موثّقة أخرى هي صفقة بيع القبور في بلدة غزير (قضاء كسروان) التي تقوم بها مدافن البلدية من جهة، وتلك التي توفّرها «كنيسة الصعود الإلهي» من جهة أخرى. وبدا لافتاً أيضاً توثيق حالة غش في المازوت الأحمر الذي تبيعه إحدى المحطات في منطقة بلونة (قضاء كسروان)، وواجه فريق البرنامج مالكها الذي راح هو الآخر يصرخ ويتوعّد.
بعيداً عن تعداد الفقرات التي ضمّتها الحلقة الـ 38، لا بد من الاعتراف بأنّ المجهود الذي يبذله «حكي جالس» ليس قليلاً، ويمكن البناء عليه لإخراج مواضيع أكثر عمقاً. إلا أنّ المشكلة الأساسية تبقى في محافظة جو معلوف على أسلوب الوعظ نفسه، مع إبقاء التعميمات والأفكار الجاهزة في معظم الأحيان. عند الحديث عن السهر مثلاً، تظهر العبارة الشهيرة: «سهر، وشرب، ومخدرات، وممارسات مخلّة بالأداب». أسلوب يستند إلى المصطلحات الفضفاضة والصوت المرتفع، ويبدو أقرب إلى الخطاب الأبوي، الذي لا يسهم ربما في حل المشاكل!