Hope Lebanon (لبنان الأمل) حملة إعلانية غزت الشوارع اللبنانية منذ بداية العام الحالي، تديرها شركة "بيكاسو" التي طلبت من جميع الشركات الإعلانية في لبنان المساهمة في هذه الحملة لإعطاء اللبناني أملأً في البقاء في بلده وحثّه على عدم الهجرة. كثيرة هي اللوحات التي احتلت شوارع بيروت والمناطق تولتها كل شركة إعلانية دخلت في هذه الحملة: «تحية ل يلي قرر يبقى"، "ربّي الأمل براسك"، "ركّز عالأمل" وغيرها من الشعارات باللغتين العربية والإنكليزية إلى أن ظهرت مساهمة شركة "Impact BBDO” التي زرعت في إحدى زوايا شارع الحمرا: لوحة إعلانية تتضمن عبارة «لبنان، ما بيسوى تتركو للغريب".
طبعاً الانطباع الأول للزمان وللمكان وللمحتوى لا يرشدك الا إلى وقوع الشركة في العنصرية، خصوصاً لدى استخدام مصطلح "الغريب" تلك الكلمة التي ما زالت الى اليوم حاضرة في الأدبيات اللبنانية والصالونات الخاصة. مصطلح تداوله اللبنانيون ضد بعضهم في حروبهم الأهلية ثم ضد اللاجئين السوريين والفلسطينيين في مسار واضح يكرّس النزعة العنصرية والفوقية لدى أغلبية الشعب اللبناني.
يمكن لهذه اللوحة بالتحديد أن لا تأخذ هذا الحيّز من النقاش والنقد، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي، لو أتت في ظرف مختلف لكنها صبت في سياق زمني يتصاعد فيه الضغط على اللاجئين السوريين وتعلو النبرة ضدهم بشتى "الاتهامات" من المزاحمة في سوق العمل الى ادراج اللاجئات ضمن لوائح "الغانيات" وبائعات الهوى. ولا شك في أن مقال "النهار" الأخير عن شارع "الحمرا" والعنصرية الخارجة منه بمصطلحاته ومقاربته للوجود السوري في هذا الشارع، ساهم بشكل كبير في الإحتكام على أن هذه اللوحة تصب في هذا السياق العنصري التمييزي.
لا شك أن اللعب على الكلام وإيجاد سياق له يعدّان ضمن العدّة الإبداعية لأي معلن، لكن هل نجحت شركة "Impact BBDO” في هذا الأمر ووفقت في إيصال رسالة "الأمل" للبنانيين ؟ مدير قسم الإبداع في الشركة وليد كنعان أوضح في حديث مع "الأخبار" أن شركته كانت تنوي المساهمة في هذه الحملة بعبارة مختلفة «إجري بهالبلد ..مش فالل من هون" وهي تتضمن كما يتبين لعباً على الكلام وتحث اللبناني على البقاء في أرضه. لكن هذه العبارة وبحسب كنعان منعت من قبل الأمن العام اللبناني، فاستعاض عنها فريقه بالعبارة المذكورة آنفاً «لبنان ..ما بيسوى تتركو للغريب». ولدى الإستفسار عن المصطلحات المستخدمة وسياقها المتصل بالعنصرية، أكد كنعان أن شركته استعارت عبارة "لبنان ما بيسوى" المتداولة بكثرة بين اللبنانيين بشكل سلبي وحاولت الشركة كما يقول استخدامها "بشكل إيجابي" عبر الدعوة الى البقاء والتثبث بالأرض. ولفت الى أن عبارة "الغريب" لا يجب أن تفهم بسياقها العنصري بل ضمن هدف الحملة الإعلانية: "فإذا اللبناني هاجر، لمَن سيترك أرضه؟" مؤكداً على خلو اللافتة الإعلانية من أي مقصد سياسي أو اجتماعي عنصري.