بعد حملات الإدانة التي تعرّض لها مقال «الحمرا ما عادت لبنانية... التوسّع السوري غيّر هويّتها» (6/1/2015) لحسين حزوري الذي حاز بالمناسبة أكثر من 12 ألف مشاركة على فايسبوك حتى لحظة كتابة هذه السطور، أصدرت صحيفة «النهار» ناشرة المقال بياناً جاء رداً على مضمون المقال الذي لا يمكن «أن يعبّر عن قيم «النهار»، ولا يعكُس خطها التحريري العام، بأي شكل من الأشكال». ردّ تنصل من محتوى المقال الذي تحوّل إلى سيرة الناشطين بوصفه مادة تنضح عنصرية بمصطلحاتها وسياقها ضد اللاجئين السوريين في لبنان. إلا أنّ الردّ جاء ليوّرط الصحيفة أكثر مما يغسل يديها من المقال المذكور.
استغباء واضح مارسته «النهار» في هذا البيان المنشور على صفحاتها الإلكترونية. عودة إلى الوراء قليلاً قد توضح فعلاً «الخط التحريري» للصحيفة العريقة تجاه اللجوء والوجود السوري في لبنان الذي لا يقف طبعاً عند مقال حسين حزوري.
اللافت في الإطلالة على أرشيف «النهار» في المدى القريب أنّ جميع المقالات المتسمة بروحية العنصرية والمتضمنة للهجة أقل ما يقال عنها أنها صفيقة، تبدأ دوماً بعبارات التنصل والاختباء وراء متلازمة «أرجوكم لا تتهمونا بالعنصرية وتخونونا». يلي ذلك سيل من المشاهدات والمواقف التي تنمّ عن تمييز عنصري واضح. لعل أبرز ما ظل عالقاً في الذاكرة ذاك الفيديو الذي نشر على موقع يوتيوب «النهار» في أيار (مايو) من العام الماضي تحت عنوان ”هلّق مش وقتها». الفيديو الذي أعدته جوانا جرجورة، استعرض عبر عيّنة من المارة في «ساحة ساسين» (الأشرفية)، آراءهم بالوجود السوري في لبنان، مع كمّ هائل من العنصرية والحقد على أعداد السوريين المتزايدة وعلى مزاحمتهم للبناني في عملهم. هذا الشريط البالغ الأثر في مسيرة «النهار» مع السوريين، تلاه في الشهر عينه، لكن بفارق عام، مقالٌ شبيه به. إذ نشر موقع الصحيفة الإلكتروني صورة لجملين اثنين وتحته تعليق «صورة اليوم من المظاهر المتزايدة جراء اللجوء السوري: جمل أمام قصر الأونيسكو» في إمعان واضح لتكريس عنصرية وفوقية كريهة.
قد تتنصل «النهار» من كاتب مبتدئ لديها، لكن ماذا عن رئيس تحريرها غسان حجار؟ ومسؤولة الصفحة الثقافية في الصحيفة عينها جمانة حداد؟ قبل شهر بالتحديد، كتب حجار مقالاً بعنوان «تكراراً، الأولاد السوريون قنبلة موقوتة» (9/12/2014). مقال حيّد فيه حجار نفسه عن الانزلاق في مستنقعات العنصرية في البداية، إذ أورد: «أتحدث مجدداً عن الأولاد السوريين في لبنان، بعيداً عن التهم الجاهزة دائماً بالعنصرية والتعصب». بعد ذلك، طالعنا بأن الأولاد السوريين سيلقون مصير الأولاد في «المخيمات الفلسطينية الذين تحوّل عدد منهم إلى التدريب والقتال أو إلى السرقة والنهب». واختبأ حجار من خلال هذا الحكم بنسبه إلى «الحوار الدائر في مركز الأمم المتحدة». بدورها، دخلت حداد «السجل الذهبي» للعنصرية ضد السوريين. في آب (أغسطس) الماضي، كتبت مقالاً بعنوان «دمعة المعلم رفيق». والمقصود بالمعلم رفيق ذاك العجوز الذي بات «على الطريق» بعدما كان مديراً لمطعم في برمانا. وطبعاً حصل ذلك جراء التزاحم السوري على المهنة. لعل أبرز تجليات «القلق» حيال الوجود السوري في لبنان عند حداد تجلّت في المقطع المتحدث عن ارتيادها لمطعم لبناني وقد «تغير الطاقم اللبناني بأكمله وصار من أعلى الهرم إلى أسفله سورياً».