يقدّم المؤلف الموسيقي وأستاذ العود وخبيره شربل روحانا (1965) حفلة مساء اليوم على مسرح «قصر الأونيسكو» بدعوة من «نادي صوت الشعب». الحفلة التي تحمل اسم «مسافات» لا تشذ عن أسلوب روحانا الخاص في تقديم حفلاته. الاسم مستقى من فكرة «المسافة الواعية» (تسميته الخاصة للحفلة) التي تفصل بين «الشخص ونفسه»، «الشخص والآخر». يشير روحانا إلى أن منظمي الحفلات باتوا يطلبون منه تسمية حفلاته، ذلك أنّ للحفلات نصيباً من أسمائها، فضلاً عن تميزها بهذا الشكل. يبسّط أستاذ العود في «جامعة الروح القدس» في الكسليك والكونسرفاتوار فكرته كثيراً عن المسافات: «الأسماء لا تقل أهمية عن الأفكار والأعمال التي تمثّلها. لذلك أنا آخذ وقتي لإعطاء التسمية المناسبة لأعمالي، فالمسافات موجودة بين كل الأشياء. من دون مسافات، لا وجود للموسيقى. إذا لم تكن هناك مسافات بين الكلمات، لن تكون هناك جمل، فالتواصل مبني على المسافات.
أردت أن أحكي عن مسافات أخرى، كالتي بين الإنسان ونفسه، حين يقول شيئاً، ويفكّر شيئاً، ويفعل شيئاً آخر كلياً، هنا تكون المسافات شاسعة وكبيرة».
تبرز أسئلة عدة حول الحفلة بحدّ ذاتها، لماذا اليوم؟ يجيب: «نحن نحاول يومياً أن نخترع الفرح والأمل، أحياناً يصيبنا نوع من التعب والإرهاق، لكن مع هذا نظل نقاوم على طريقتنا. أنا أستيقظ يومياً ولدي مئات الأسئلة والمخاوف، فالمزاج لا يسمح يومياً للإنسان أن يبدع. لكن مع هذا لا أتوقف، فالمهم ألا يتراجع الإنسان. لذلك، فإن هذه الحفلة كما سواها هي جزءٌ من مقاومتنا كما نعرف والإرادة والتصميم نفسيهما». ماذا إذاً عن اختياره لـ «نادي أصدقاء صوت الشعب» كمستضيفٍ للحفلة وداعٍ إليها، يشير روحانا إلى أن السبب يكمن في أنَّ «صوت الشعب احتضنني مذ كنت في العشرين من عمري، وحال قدومي من قريتي عمشيت، وكنت لا أزال أحمل تجاربي الأولى. وقتها استقبلت بترحاب، إحدى الأغنيات «يوم عليك يوم عليك» (من كلمات بطرس روحانا) التي سأقدمها الليلة، هي من تراث تلك المرحلة الأولى، وكانت أول ما بثَّ في تسعينيات القرن الماضي على «صوت الشعب». بالتأكيد، هناك علاقة حميمة تجمعني بهم. أشعر أنني في بيتي معهم. أنا لا أختار أن أحيي حفلة معهم بمقدار ما تأتي بشكلٍ طبيعي وبسيط». علماً أنّها هذه الأمسية مع «نادي أصدقاء صوت الشعب» تأتي بعد أربع سنوات على إحياء روحانا حفلة بالتعاون مع النادي أيضاً.

يقدّم «راح الكتير ما بقي
إلا القليل» إلى فلسطين «أم القضايا العربية»

ماذا عن برنامج الليلة؟ «سيكون متنوعاً يمتدّ قرابة الساعة والربع تقريباً، كما يمتد تاريخياً على امتداد سنواتي الفنية التي تقترب من الثلاثين. لدينا سبعون في المئة غناء، وثلاثون في المئة من الموسيقى تقريباً. هناك ثلاث مقطوعات موسيقية هي «صبايا»، «غمز»، و»منارة» من فترات زمنية متعددة». هنا يبرز السؤال عن كيفية اختيار الأغنيات التي ستقدّم في الحفلة. يشير روحانا إلى أن الأغنيات تأتي من «الحاجة» إليها لأنها ببساطة تشكل جزءاً يعود إلى الواجهة من جديد كأفكار، فالحراك الشعبي مثلاً هذه الأيام يعيد إلى الواجهة بعضاً من أفكار أغانيه السابقة مثل «قوموا ننفض هالإيام» (الكلمات لروحانا روحانا) التي تشير إلى «مطرح ما كنا راجعين». وكذلك، هناك أغنية «راح الكتير ما بقي إلا القليل» التي يقدّمها روحانا «لأم القضايا القضية الفلسطينية» عطفاً على ما يحدث اليوم في الأراضي المحتلة، وتحكي عن رجل يودّع زوجته وهو ذاهبٌ إلى اختياراته المقاومة. يشترك في العمل عازفون اختارهم شربل بعناية بالغة، إذ «لا يمكن العمل مع موسيقيين لا أفهم عليهم ولا يفهمون علي. أريد موسيقيين أرتاح وأنسجم معهم، فهذه الساعة والربع يجب أن تكون أحلى ما نقّدمه». ونذكر من العازفين: أنطوان خليفة وهيفاء روحانا على الكمان، أسامة الخطيب على الباص، علي الخطيب على الرق، وليد ناصر على الطبلة، حبيب باسيل وباتريك ألفا غناء ككورس، ونديم روحانا على الأكورديون.
يتعاون شربل روحانا مع عائلته القريبة كثيراً في عالم الفن. هو يغني من كلمات شقيقه بطرس، وابن عمّه روحانا، إضافةً إلى شراكته الطويلة مع ابن خالته الفنان الكبير مرسيل خليفة (نذكر من أعمالهما معاً، عملهما الجميل «جدل»)، فضلاً عن المشاركة الدائمة لعازف الكمان أنطوان خليفة (شقيق مرسيل) في حفلاته. يقدّم شربل هذه المرّة ابنه نديم (16 سنة) الذي وزّع و»نوّط» أغنيتين في الحفلة هما «راح الكتير» و «يلا يا ابني»، عازفاً على الأكورديون في الأمسية، وابنته هيفاء (18 سنة) التي تعزف الكمان. لكن هل الفنّ أمر يورَّث؟ يجيب: «بالتأكيد هناك جين فني ينتقل خلال العائلة، أنا أؤمن بذلك، هنا يطرح سؤال الوراثة الفنية، لكنها ليست وراثة بالمعنى التقليدي، هي أقرب ما تكون إلى ما تعرّض له هذا الطفل خلال نشأته، فهو يسمع الموسيقى ويعايشها، ويعاينها أكثر من أقرانه باعتبارها جزءاً يومياً من حياته. لكن طبعاً لا يمكننا نسيان أنه يجب أن يكون موهوباً في الدرجة الأولى». أما عن توزيع ابنه نديم لبعض الأغنيات، فقد حدث ذلك أثناء قضاء شربل راحة إثر تعرّضه لوعكةٍ صحية، فما كان من نديم إلا أن وزّع الأغنيتين نظراً إلى الحاجة إليهما، فأعجب شربل بالنتيجة.

«مسافات» شربل روحانا: 19:30 مساء اليوم ــ «قصر الأونيسكو» (بيروت) ـ للاستعلام: 03/963598 ـــــ01/311809




فرقت على نوطة

تفتتح أمسية الليلة فرقة «فرقت على نوطة» التي تتألف من بترا حاوي (غناء)، ورغيد جريديني (ساكسوفون)، ووجدي أبو دياب (بيانو)، وزاهر حمادة (باص)، وعلي صباح (غيتار) وإبريل سينترون (طبلة). ويشير شربل روحانا هنا إلى أنّ «هناك معرفة شخصية بأعضاء الفرقة، فضلاً عن أنني شاهدتهم يعزفون في حفلة سابقة، إنهم جيدون، وستكون فرصة جيدة لهم».