الليلة افتتاح الدورة 14 بـ «بروفة» رضا دريرةتونس ـــ سفيان الشورابي
هل تمحو الدورة الرابعة عشرة لـ«أيام قرطاج المسرحية» خيبات الدورة الماضية؟ منذ فترة، تواجه إدارة المهرجان تحدّياً يتمثّل في إعادة الألق إلى تلك التظاهرة التي كانت يوماً مختبراً حقيقياً للحركة المسرحية العربية. الدورة التي تنطلق اليوم في فضاءات مختلفة في تونس، وتستمر حتّى 22 الجاري، ستحمل شعار «مسرح بلا حدود»... فهل سيغيّر هذا الموعد الذي ينعقد كلّ سنتين بالتناوب مع «أيام قرطاج السينمائيّة» المشهد المسرحي في تونس؟
خلال السبعينيات والثمانينيات، شهدت الحركة المسرحية التونسيّة تراجعاً كبيراً بعد تراكم عوامل الخلل في سياسة وزارة الثقافة. الفضاءات الخاصة بالعروض المحترفة، تقلّصت تدريجاً... وخضع دعم الفرق، لمعايير الولاء السياسي. فيما عانى أغلب العاملين في القطاع من ندرة فرص العمل. لن نستغرب بالتالي أن تقتصر المشاركة التونسيّة في «أيام قرطاج» على أعمال سبق عرضها قبل المهرجان. أما المشاركة الأجنبية، فقد «تكفّلت بها لجنة مختصة بانتقاء الأعمال الأفريقية والعربية التي تستحق المشاركة»، وفق مدير المهرجان محمد إدريسعموماً، هذه الدورة، التي تُفتتح في صالة «الكوليزي» بالعرض التونسي «بروفة» للمخرج رضا دريرة الذي سيكشف للجمهور كواليس العرض المسرحي، تتسم بالتنوع لناحية المدارس المسرحيّة والبلدان الحاضرة مع 24 دولة، بينها 13 بلداً عربياً. كما تحضر إيران للمرة الأولى من خلال فرق عدّة. من تونس، تشارك نخبة أعمال عرضت أخيراً، لعل أبرزها: «مانيفستو السرور» (نصوص علي الدوعاجي، إخراج توفيق الجبالي)، و«Zapping: تحت السيطرة» (نص وإخراج مريم بوسالمي)، و«حب ستوري» (نص لطفي عاشور وأنيسة داود، إخراج لطفي عاشور)، و«حقائب» (نص يوسف البحري، إخراج جعفر القاسمي)، و«نشاز» (نص أوجين إيونيسكو، إخراج نصيب البرهومي)، و«آخر ساعة» (نص ليلى طوبال، إخراج عز الدين قنون). أما العروض الأجنبية، فنذكر منها: «قصة حب في 12 أغنية و3 وجبات وقبلة واحدة» من المغرب (إعداد وإخراج فوزي بنسعيدي)، و«لقاء» من لبنان (نصوص شعرية ونثرية لجبران خليل جبران وأبو القاسم الشابي، أداء رندا الأسمر وجوزف بونصار)، و«تحت الصفر» من العراق (نص ثابت الليثي، إخراج عماد محمد) و«أنا القدس» من فلسطين (نص وإخراج: ناصر عمر). أما الولايات المتحدة، فتتمثّل بالرئيس أوباما... من خلال مسرحية كتب نصّها بعنوان «حول السلالة في أميركا» وأخرجها جوزيه بلييا!
تيمات العروض تتنوع بين القضايا السياسية والاجتماعية

محمد إدريس كان فنّاناً فذّاً قبل أن تكبّله البيروقراطيّة وشهوة السلطة

الراهنة، وبين الأزمات الوجودية الفردانية. إضافة إلى قسم «حضور» الذي عوّض قسم المسابقة الرسمية، فبعض العروض ستُقدّم في قسم «انفتاح» المخصص للمسرحيات المنفتحة على التعابير الفنية والتقنيات وتلاقح التجارب، بينما يختص قسم «اكتشاف» بالأعمال ذات البصريات الجديدة، ويقترح قسم «بانوراما المسرح التونسي» أعمالاً من التجربة المسرحية التونسية. على هامش المهرجان، يقترح البرنامج لقاء «المسرح الموسيقي» للتحاور حول الرؤية الدرامية الممكنة للعمل الموسيقي. ولا بد كي يكتمل المهرجان، كالعادة، من «ندوة دولية». محورها هذه المرّة سيكون «على أبواب المئوية الثانية للمسرح التونسي: أي مستقبل للمسرح في العالم؟». وسيتم تكريم المسرحي التونسي المنصف السويسي، والممثلتين ناجية الورغي وحليمة داود، والممثل السوري أسعد فضة، والمخرج الفلسطيني جورج ابراهيم. وللشعر أيضاً مكانته في المهرجان، لكونه «أساس الإبداع المسرحي» على حد قول محمد إدريس. هكذا، ستُخصّص أمسية للراحل محمود درويش وتقام أخرى تجمع اللبناني زاهي وهبي، والتونسية آمال موسى، والأردنية جمانة مصطفى. ويواصل المهرجان للدورة الثانية، تغييب الجوائز التي اعتاد منحها سابقاً، ما أفقده مزيداً من الألق والتشويق. محمد إدريس الذي كان يوماً فنّاناً مسرحيّاً فذّاً، قبل أن تكبّله البيروقراطيّة وشهوة السلطة، يبرّر تشبّثه بهذا القرار: «غالبية المهرجانات المسرحية العالميّة لم تعد تمنح الجوائز، بعد سقوط جدار برلين». ما العلاقة مع الجدار؟ «الجوائز كانت تقدّم في السابق وفق منطق التبعية الإيديولوجية والفكرية لأحد المعسكرين». هكذا هو محمد إدريس، يتحدّث بفوقيّة وثقة، كأي وريث عريق للديموقراطيّات الغربيّة! ولعلّه لم ينتبه إلى حلقة أساسية مفقودة، هي الجمهور الذي انفضّ عن مسرح لم يعد يعكس مشاغله واهتماماته. هل تعيد هذه الدورة نبض الشارع إلى الخشبة؟


حتى 22 تشرين الثاني (نوفمبر) ــــ تونس العاصمة. للاستعلام: +216-71-351783