نيويورك ـ حنان الحاجيتجّه بعض مصمّمي الأزياء اليوم إلى استحضار مدرسة «المينيماليّة» Minimalism، أو الحدّ الأدنى في التصميم، التي راجت قبل عقدين من الزمن، وتحديداً خلال الأزمة الاقتصادية التي عصفت بأميركا في الثمانينيات. وهذه المدرسة تؤمن بالنقاوة والبساطة في التصميم. علماً بأنّ كوكو شانيل هي التي أطلقت هذه الثورة في العشرينيات، رداً على الإفراط في استخدام الزخرفة في الملابس من ريش وتطريزات وأكسسوارات ومشدّات خصر. لكن عندما يواجه الناس ظروفاً اقتصادية صعبة، يميلون عادةً إلى التواضع والتقشّف والبساطة في الحياة. وبطبيعة الحال، فإنهم ينجذبون إلى الملابس البسيطة التي تنسجم مع أحوالهم النفسية والمادّية. من جهة أخرى، حاول مصمّمون آخرون اعتماد وسيلة أخرى لتفادي الأزمة. هكذا، ابتعدوا عن المغامرة في ابتكار «صرعات» جديدة، ولجأوا إلى تقديم تصاميم كلاسيكية «آمنة» اشتهرت في مراحل زمنية معيّنة وأحبّها الناس، لتكون بمثابة مأمن لهم من ابتكار تصاميم حديثة غير مضمونة النتائج. مثلاً، تفادى المصمّم إيلي تاهاري، الذي تمثّل مبيعات تصاميمه حوالى 500 مليون دولار أميركي، ابتكار تصاميم جديدة، واكتفى بعرض مجموعة جديدة استوحاها من ستايلات كلاسيكية مألوفة، مفضّلاً التكرار على الابتكار. هكذا، ركّز في مجموعته الجديدة على قصّات مألوفة جداً لفساتين طويلة وقصيرة، كما ركّز على الأقمشة المطبّعة بنقوش الحيوانات. وكان تاهاري قد خفض أيضاً أسعار تصاميمه بنسبة 30 في المئة، كما أقفل معملاً له لصناعة الحقائب في إيطاليا لينتقل به إلى الصين، حيث الموادّ واليد العاملة أقلّ كلفةً بكثير من البلدان الأوروبية. أما المفاجأة الأكبر، فتمثّلت في تعاون بعض المصمّمين العالميين مع سلسلة متاجر شعبية لها اسمها ووجودها في مختلف أقطار العالم، مثل H&M وZara وغيرهما لتقديم تصاميم تُعرف بالملابس الـ Cheap Chic أي الأنيقة الرخيصة. واللافت أكثر ما عدّه البعض انحداراً في مستوى المصمّمين العالميين. إذ إنّ هؤلاء المصمّمين استعانوا بمستشارين فنيين لا يمتّون للموضة بصلة، بغية الترويج لملابس الـ Cheap Chic. وأبرز هؤلاء المصمّم الفرنسي العالمي إيمانويل أونغارو، الذي أعلن أخيراً أنه عيّن الممثلة ليندسي لوهان مستشارةً فنيةً لتصاميمه. ما دفع النيويوركيّين إلى إدانة المستوى «الهابط» الذي وصل إليه المصمم الفرنسي، باستعانته بالنجمة الأميركية بدلاً من اللجوء إلى ممثلات شهيرات بجمالهنّ وأناقتهنّ مثل غوينيث بالترو وأنجلينا جولي!
هذا ما يحصل في الغرب من انقلاب في مفهوم الموضة. أما نحن، فيمكننا أن نتوقع قريباً أن تدخل موضة الــ Cheap Chic إلى أسواقنا لنلبسها ونتباهى بأناقتها، رغم أنها وُلدت نتيجة حاجات وأوضاع اقتصادية ونفسية مرتبطة ببلدان ومجتمعات أخرى.