زينب مرعي
كلّ معه علبته، وفي كلّ علبة عشرة أغراض. إنّها أغراض شخصيّة تعود إلى الطفولة أو حديثة العهد، ملأ بها علبته كلٌ من الرسّامين الـ22 ـــــ عرباً وأجانب ـــــ ليشارك في ورشة عمل نظّمتها أخيراً فنّانتا القصص المصوّرة، الدنماركيّة هيلّه فيبكي جنسن واللبنانية لينا مرهج. لكن أغراضك على طاولة المجموعة ليست ملكك، بل هي ضمن «الكومة» المعروضة للبحث... فكيف يمكن هذه العلب والأغراض المبعثرة، الآتية من كلّ حدب وصوب، ومن مختلف المفترقات الزمنيّة، أن تجتمع وتتآلف، بعضها مع بعض، كي تؤلّف قصصاً مصوّرة للرسّامين؟ هذا ما اختبرته المجموعة في ورشة عمل امتدت أسبوعاً كاملاً، وها نحن نرى نتيجتها ضمن معرض الرسوم «الكلّ في علبة واحدة» الذي يقام حالياً في غاليري The Running Horse.
القرار الجريء كان أن يخرج كلّ رسّام من قوقعته ويختار من أغراض غيره، وأن يرى أغراضه محطّاً لتجارب فنية مختلفة على أيدي رسّامين آخرين... ثم محاولة ابتكار القصّة من كل هذه «الفوضى». هكذا، أتت النتيجة على شكل قصص عبثيّة لدى بعضهم مثل «عبير والخنزير» لدافيد حبشي. وفضّل البعض الآخر أن يُظهر حال

ثمرة ورشة عمل شارك فيها 22 رساماً بإشراف هيلّه فيبكي جنسن ولينا مرهج


التبعثر، وكيفية جمع شتات أفكاره وقصّته والأغراض التي استعملها، كما هي الحال في «القطة السوداء» لديالا زادة.
تلك القصص بعضها منشور على حبل غسيل وسط الغاليري، وبعضها الآخر موزّع في أرجاء المكان... وقد أخذتنا إلى أماكن وقصص متداولة نعرفها جيداً، مثل «رحت على البحر، شفت كلب أسود؟»... أو «من هو جون جيمس؟» لهيلّه فيبكي جنسن التي تحيلنا على جيمس بوند. لكنّ قسماً آخر من القصص أخذنا إلى عوالم غريبة كلّياً. ولعلّ أبرز ما ابتكره المشاركون كان على صعيد الشكل. هناك أغراض خضعت لاستعمالات غريبة تتجاوز طبيعتها أو وظيفتها الأولى: هناك أغراض استخدمت مثلاً كصورة، أو كظلّ، أو نقلت إلى ورق الاستنسل ورشّت بالألوان، أو رسمت بالحبر... وذهب بعضهم إلى استعمال جسمه في تصوير القصّة. مثلاً، رسم دافيد حبشي على صلعته، عبير، شخصيّة قصّته الرئيسة، ثم صوّر صلعته لتدخل القصّة. تتجوّل قصص الرسّامين، بعد انتهاء المعرض، على المكتبات العامة، لتعود فتجتمع ـــــ في النهاية ـــــ في علبة واحدة.


حتى 30 ك2/ يناير ــــ غاليري The Running Horse (الكرنتينا/ بيروت). للاستعلام: 01/562778