سوق الفن في الشرق الأوسط يُخلق اليوم» حسب خالد سماوي صاحب «غاليري أيّام» التي تطلق اليوم مبادرة جديدة على الساحة التشكيليّة اللبنانيّة: «مزاد بيروت» يقدّم 50 لوحة لفنانين عرب من الشباب والمكرسين

سناء الخوري
وسَط المدينة بعد الغروب. شاطئ الـ«سان جورج» من أمامك، وفندق «فينيسيا» على يسارك. حين تصعد درج البرج لتصل إلى «غاليري أيام»، تشعر بأنّك على سقف العالم. وسط إضاءة زرقاء خافتة تنساب من نوافير مستديرة ومسطحة ومعاصرة، تستعد الغاليري لاستضافة أول مزاد علني تشهده بيروت في مجال الفنون التشكيليّة. 50 لوحة لفنانين من لبنان، وسوريا، وفلسطين، ومصر، والأردن، وأخرى لفنانين من تركيا ستعرض للبيع اليوم.
بعد «كريستيز» و«سوذبيز»، الدارين العالميتين اللتين وجدتا في الشرق الأوسط والخليج سوقاً ناشطة، جاء دور «أيام» لتفتتح عصر المزادات مع The Beirut Sale. في افتتاحية الكاتالوغ الذي يقدّم للحدث، يكتب خالد سماوي صاحب الغاليري: «سوق الفن في الشرق الأوسط يُخلق اليوم؛ ومن الضروري أن يحفزنا ذلك على أخذ مبادرة الترويج لأعمالنا». تراوح الأسعار بين ثلاثة آلاف دولار، و60 ألف دولار مع عمولة عشرين في المئة للغاليري، وهي أسعار أخذت في الاعتبار حالة اللوحة، ونوعية المواد المستخدمة، ومصدرها، وندرتها... أضف إلى ذلك خبيرة المزادات العالمية ندى بولس الأسعد التي ستمسك المطرقة، لتعطي المزاد صفته الشرعيّة.
لكن الجانب المادي البحت الذي لا يقوم سوق الفنّ من دونه، ليس كلّ شيء. فالمجموعة المطروحة للمزاد في بيروت اليوم، تكتسب أهميّتها من كونها تمثّل بانوراما ـــــ قد لا تكون شاملة، لكنها معبرة ــــ عن تطور اللوحة العربيّة الحديثة والمعاصرة وأدواتها خلال العقود الستة الماضية.
في أعمال الجيل الذي أنتج بغزارة في الستينيات والسبعينيات، نرى تمجيداً مطلقاً للون، والأنثى، والأرض/الأم، والفرد/ المجتمع... في لوحتين غير مؤرختين لبول غيراغوسيان (1926 ـــــ 1993)، يذوب الفرد في مساحات لونيّة واسعة ومتمازجة. وفي لوحة للمصري سمير رافعي (1926 ــ 2004) سيدة مشرقة بألوان الحياة والشمس. وفي «وردة» للفلسطينية سامية حلبي، تجريد مطلق للشكل على حساب عرس الألوان. كذلك الأمر مع السوري منذر كم نقش، وسيدته ذات الشعر البرتقالي والبشرة الورديّة، وفي عمل مواطنه نعيم إسماعيل (1930ـــــ 1979) العائد إلى عام 1974، حيث تندمج شخصيتان مؤنثتان فوق أخضر فاقع حيّ.
يخفت الفرح تدريجاً مع لوحات الشباب. يختفي اللون في بعض الأعمال، فيما تتخذ أخرى أبعاداً أكثر وجوديّة وسوداويّة ومزاجيّة. أعمال التشكيليين السوريين الشباب حاضرة بقوّة، تنقل نضجاً لافتاً مع أعمال لمهند عرابي، عبد الكريم مجدل البيك،

بانوراما لمسار اللوحة العربيّة الحديثة والمعاصرة
وسبهان آدم، وعمار البيك، وأسامة دياب، وعمران يونس. أضف إليها عمل اللبناني أسامة بعلبكي، تخرج بمشهد من السيارات المفخخة، والجدران الصامتة المصقولة بألم الذاكرة، وصور الطفولة المشغولة بتقنيات الفيديو. تجد نفسك فجأة أمام جيل مطاط، يحتفي بذاته، يحوّرها، يركبها. أمّا المكرسون ممن سبقوه بقليل، أمثال اللبنانيين جان مارك نحاس، ونديم كرم، وبيار كوكجيان، والسوريين خالد تكريتي، وصفوان داحول، ونصوح زغلولة، فيبدو الشغل على المادة واضحاً لديهم، مع تنويعات على تيمات الحلم، والألم، والحزن، والحياة المتعددة، وحرية الفرد وفرادته.
هذا المزاد لن يكون الأخير، بحسب «أيام». علينا إذاً أن نكتفي في المدى المنظور، بالبعد المَتحفي الذي تقدمه أنشطة الغاليريهات الخاصة، في ظل غياب متحف عربي للفنّ الحديث يوثّق للحركة التشكيليّة، ويضعها مجاناً في تصرّف الجمهور العريض.

7:00 مساء اليوم ــ «غاليري أيام» (بيروت) ــ للاستعلام: 70/535301


دمشق ـــ دبي ــــ بيروت

تأسست «غاليري أيام» عام 2006 في دمشق، بهدف ترويج الفن العربي المعاصر. تنوع في مقتنياتها بين التصوير والنحت والتصوير الفوتوغرافي، وتملك فرعين في دمشق، ودبي، حيث تنظم معارض ومزادات مرتين في السنة. وقد افتتحت أخيراً فرعاً ثالثاً في بيروت أواخر الصيف الماضي. تركز «أيام» على استضافة الفنانين الشباب، وخصوصاً «أنّ هؤلاء يتصدرون المشهد التشكيلي، وأنّ لوحاتهم تنال شهرة عالمية». تستضيف «أيام» في دبي حالياً معرضاً للتشكيلي الشاب أسامة دياب، وفي دمشق معرضاً للراحل مصطفى فتحي. ويحضر طيف هذا الأخير بقوّة في «مزاد بيروت»، مع لوحة طباعة حجريّة من مجموعته ذات الشهرة العالميّة.