لم تمض خمسة أيام على اجتماع وزراء الإعلام العرب في القاهرة، حتى أصدر القمر السعودي قراره بوقف بثّ الفضائية الإيرانية
ليال حداد
يبدو أنّ قرار وزراء الإعلام العرب تأجيل البحث في موضوع «مفوضية الإعلام العربي» إلى وقت لاحق، لن يؤثّر كثيراً على الرقابة والقمع اللذين تمارسهما الأنظمة العربية في حقّ الإعلام. لم تمض خمسة أيام على اجتماع الوزراء في القاهرة، حتى أصدرت «عربسات» قراراً بوقف بثّ قناة «العالم» الإيرانية للمرة الثانية في أقلّ من ثلاثة أشهر. ورغم التبريرات والتفسيرات التي قدّمها الأمين العام لـ«الجامعة العربية» عمرو موسى ـــــ وهو صاحب مشروع المفوضية ـــــ إلا أنّه بدا واضحاً أن وظيفة هذا الكيان الجديد، هي محاصرة الفضائيات التي تزعج الأنظمة، وخصوصاً قنوات «المنار»، و«العالم»، و«الأقصى»... وذلك بعد محاولات (فاشلة) عدّة لابتكار قوانين واتفاقيات تهدف إلى فرض رقابة إضافية على الفضائيات، وأبرزها طبعاً «وثيقة تنظيم البث الفضائي» (2008).
صدر إذاً قرار «عربسات»، بوقف بثّ الفضائية الإيرانية «لأسباب تقنية وفنية»، كما أوضحت إدارة القمر السعودي، للمسؤولين في قناة «العالم». غير أنّ هذه الحجة لم تقنع طبعاً إدارة المحطة، «السبب هو الضغوط السياسية التي يتعرّض لها مشغّلو القمر من قبل النظام المصري خصوصاً»، يقول لـ«الأخبار» المشرف على «العالم» في بيروت عاطف الموسوي. ولا يستبعد هذا الأخير أن يكون هذا القرار قد اتّخذ خلال اجتماع وزراء الإعلام العرب الأحد الماضي في القاهرة.
وكان القمران الصناعيان «عربسات» و«نايل سات» قد أوقفا بث المحطة في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. لكن بعد شهر، أعادت «عربسات» تشغيل المحطة. أما القمر المصري فرفض ذلك، ما دفع إدارة الفضائية الإيرانية إلى رفع دعوى قضائية

هل يصل الدور إلى باقي المحطات، وعلى رأسها «المنار» و«الأقصى»؟

على «نايل سات» لمخالفة شروط العقد الموقّع بين الطرفَين. ولم يصدر حتى الساعة الحكم النهائي في القضية. وجرى كلّ ذلك في ظلّ حملة إعلامية مصرية شرسة على القمر السعودي، «خرج المصريون يومها ليقولوا للسعودية إنّها تخرج عن التضامن العربي بإعادة تشغيل قناة العالم» يشرح الموسوي.
ما هي الخطوات التي ستتخذها «العالم» في حال استمرار وقف بثّ المحطة؟ يؤكّد الموسوي أن الاتصالات جارية بين الطرفَين. وفي حال عدم إعادة بثّ المحطة، فالحلّ سيكون... القانون.
يذكر أن حرباً إعلامية شرسة اندلعت قبل أشهر بين فضائيتَي «العربية» و«العالم»، ومن خلفهما النظامَان السعودي والإيراني. يومها كانت «العربية» (ولا تزال) تخصّص في نشراتها الإخبارية فقرات مطوّلة للحديث عن قمع النظام الإيراني للمعارضة، فيما ردّت «العالم» بسلسلة حلقات بعناوين استفزازية، منها «السعودية ونشر الفتنة المذهبية في العالم الإسلامي»، و«الدور التخريبي للسعودية في الإعلام»...
هكذا وفي انتظار مصير مشروع الكونغرس الأميركي القاضي بمعاقبة الأقمار الصناعية التي تبثّ قنوات «إرهابية»، يبدو أنّ الأقمار العربية، وجدت طريقها إلى الهروب من أي غضب أميركي ممكن. بعد «العالم»، هل يصل الدور إلى باقي المحطات، على رأسها «المنار» و«الأقصى»؟