الفلسطينيّة أحلام شبلي، والمصريّة دعاء علي، والأردني رائد إبراهيم يلتقون في «دارة الفنون» التي تشرّع أبوابها للأعمال المغايرة
عمّان ـــ أحمد الزعتري
قد تكون أحلام شبلي (فلسطين ـــــ 1970) الأكثر شهرة بين المشاركين الثلاثة في المعرض الجماعي الذي تحتضنه «دارة الفنون» ويقدّم أيضاً أعمال دعاء علي ورائد إبراهيم. خلال السنوات العشر الأخيرة، عملت الفنانة ـــــ عبر التصوير الفوتوغرافي ـــــ على قضية واحدة هي فلسطينيي الداخل، وإشكالات الانتماء والهوية: من التباس هوية البدو في «قصاصو أثر» (2006) عن البدو الفلسطينيين الذين يتطوّعون في الجيش الإسرائيلي، إلى «LGBT شرقي» (2006) عن المثليين الآسيويين والمسلمين الذين هاجروا إلى الغرب، و«اتكال» (2007) عن المهاجرين العاملين في مجال رعاية كبار السن.
تستعيد شبلي هنا عرض «لماذا تركتم الغابة فارغة؟» عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سلسلتين: «عرب الصبيح» و«الوادي». التقطت صور سلسلة «عرب الصبيح» في مخيمات اللاجئين في الأردن، وتحديداً لاجئي القرية التي تنتمي إليها في الجليل الأسفل. لا شيء جديداً للعين التي اعتادت بؤس اللجوء: صور عائليّة بالأبيض والأسود، منازل بنيت على أطراف المخيّمات كأن أصحابها يرفضون هويتهم الموقتة الجديدة ومطاعم أُطلقت عليها أسماء مدن فلسطينية.
صور وأعمال فيديو وتجهيز... الجراح نفسها في مقاربات جديدة
أما سلسلة «الوادي»، فالتُقطت في قرية عرب الشبلي في الجليل الأسفل. هنا تصوّر الفنانة أطراف الغابة التي تحيط بالقرية: حشائش يابسة، ومنازل نمت وسط الأشجار، والأشجار تحوّلت إلى أسيجة لمنازل «الجيران اليهود». ومع أن سكان القرية يظهرون في بعض الصور، إلا أنّها توحي بوحشيّة الفراغ: ثمة امرأة خمسينيّة تقف أمام كراسٍ فارغة، والغابة تمتدّ أمامها بشكل يبعث على الشعور بالعزلة.
أما دعاء علي (1976 ـــــ مصر)، فتقدّم سلسلة أعمال فيديو بعنوان «جراديفا» قائمة على فكرة «حركة الجسد المقيَّد» عبر ثلاثة أعمال فيديو أدائيّة «خصلة شعر» (2008)، «النرجس» (2010)، و«جراديفا» (2009)، و«متتالية رقم 1 في 4 حركات». تعتمد دعاء على شخصيّات من نصوص كتّاب معروفين، بينهم جوهان ويلهلم جانسن والفرنسي موباسان والشاعر الروماني أوفيد.
ويمكن اعتبار العمل الذي يشارك به رائد إبراهيم (1971 ـــــ الأردن)، ذروة المعرض. ما إن تصل إلى زاويته المعنونة «لمّ الشمل»، حتّى تكتشف أنك تركت حدوداً وراءك: نحن أمام تجهيز «ممثليّة دولة إسماعيل ترحّب بكم» حيث الأعلام الحمراء التي تتوسطها حشرة الخنفساء، ترفرف على المكان. وداخل الممثليّة، هناك قطة هربت من المطر، وبعض الحضور إلى جانب خريطة دولة اسماعيل، وطلبات للحصول على الجنسية.
تبلور تجهيز رائد إبراهيم في العام الماضي، خلال إقامته الفنيّة في سويسرا. يومها، جاءته فكرة الاحتيال على سكّان مدينة أراغو الوادعة بهدف معرفة ردّة فعلهم. هكذا، استيقظ السكّان على مدينتهم محتلّةً. أقيمت مراسم حفلة الإعلان في ساحة الكنيسة، ورفعت الأعلام وانتشرت منشورات تدعو الشعب السويسري (سكان دولة اسماعيل) إلى «المحافظة على السلام، والمشاركة في بناء الدولة على أسس من المساواة التامة في المواطنة والتمثيل المناسب في جميع مؤسساتها المؤقتة والدائمة»! الهدف من التجهيز واضح. لكن عدا الحاجة إلى صدم شعب لم يعرف حرباً منذ 200 عام، وتوريطه في احتلال افتراضيّ بهدف مقاربة الاحتلال الإسرائيليّ القائم على الهويّة الدينيّة. تلقى ابراهيم ردود فعل مختلفة: منهم مَن أبدى استعداداً يساريّاً للمقاومة، ومنهم من استفسر عن إمكان طلب فيزا. بينما قدّم بعضهم الآخر فعلاً طلب الحصول على الجنسية!
من خلال استعادة افتراضيّة للاحتلال، يطمح الفنان الأردني إلى إعلان قطيعة مع ميراث من التباكي الفنّي والأدبيّ على «القضية»، والبحث عن مفردات مغايرة تقول الوجع، وعبثية المعاناة بلغة الفنّ المعاصر... بعد معرضه «لكل داء دواء» العام الماضي، يتابع رائد إبراهيم العمل على قضايا مستهلكة برؤية جديدة، مبشِّراً المشهد الفني الأردني بولادة فنان مختلف.


حتى 29 نيسان (أبريل) ــــ «دارة الفنون»، عمان: 0096264643251
www.daratalfunun.org