بدر الإبراهيملقد قررت «وزارة التعليم العالي» في السعودية ترجمة روايات لغازي القصيبي (الصورة) وتركي الحمد ورجاء عالم وعبده خال. هذا القرار المضحك الذي أطلقت عليه صفات مثل «القفزة النوعية» و«الجهد المشكور»، يغفل أنّ بعض تلك الأعمال ممنوع في المملكة! أوَليس القارئ السعودي أولى بالمعروف؟ ثم جاءت ردود الفعل السلفيّة على تلك المبادرة لتأخذ النقاش إلى مكان آخر، فإذا بالأصوات المتضامنة مع الكتّاب المزمع ترجمتهم، بعد الحملة عليهم، تغفل جوهر القضيّة... لا تقرّ «وزارة التعليم العالي»، ولا شقيقتها «وزارة التربية والتعليم»، تدريس تلك الروايات في المناهج الدراسية الجامعية أو الثانوية... بل إنّهما لم تبادرا حتّى إلى التعريف بأصحابها! فيما تهرّبت وزارة الثقافة من مسؤولياتها في إحداث تطويرٍ حقيقي للأنشطة الثقافية، مفضّلة الفرقعة الإعلامية عبر الـ«فايسبوك»... تلك السياسة تتحكم في كلّ مؤسسات الدولة، مبادرات شكليّة، وإجراءات على الورق، لإيهامنا بأن المؤسسات تعمل على أكمل وجه! في هذا السياق تندرج ترجمة بعض الأدب السعودي إلى لغات أجنبيّة. قفزة في الفراغ، وجدت من يصفق لها باعتبارها «خطوة على طريق تعزيز الثقافة»، فيما أغضبت آخرين، مثل الشيخ عبد الرحمن البراك الذي استنكر الأمر، مستحضراً لغته المعتادة عن نشر الرذيلة في مواجهة عقيدة التوحيد الصافية. يخشى البراك انقلاب سياسة التعليم على

ما جدوى ترجمة روايات تركي الحمد... ما دامت ممنوعة في المملكة ؟

الأحادية الفكرية والفقهية السائدة، ومزاحمة أفكار «التغريب» لمنهج «الحق». لذا يشنّ مع غيره حروباً استباقيّة على كل خطوة مضادة للتوجه السلفي، مهما صغر شأنها. من جهة أخرى، يحضر الخوف من تراجع دعم مؤسسات الدولة لنشر الوهابية في الخارج، لحساب نشر الأفكار «الفاسقة»، حتّى لو كان ذلك «من أجل تلميع» صورة البلاد التي تقتصر بالنسبة إليه على الوهّابية. ويأتي غضب الشيخ في سياق الدفاع عن النفوذ السلفي في المؤسسات. أما حملة التضامن مع الروائيين السعداء الحظ، فتنقصها قراءة دقيقة لكلام البراك. هذا الأخير لم يهاجم الروائيين بقدر ما هاجم وزارة التعليم، لأنّها «تنشر أفكار الفجور». لقد جرى التعامل مع رأي البراك على أنه تكفيرٌ للروائيين الأربعة، لكنّ المتضامنين فاتتهم المطالبة بإيصال الأعمال السعوديّة إلى جمهورها الأوّل قبل ترجمتها. متى تدرج الوزارة أعمال عبد الرحمن منيف مثلاً في المناهج الدراسية؟ سؤال مضحكٌ حدّ البكاء.