مجدداً، كانت الدول العربية في طليعة القمع والتضييق والاعتقالات بحقّ الإعلاميين. هذه هي حال حرية الإعلام في ديار العرب، وفق التقارير الأخيرة التي صدرت عن منظمات عربية وعالمية
ليال حداد
ماذا كانت منظمات حقوق الإنسان وحرية الصحافة لتفعل لولا العالم العربي؟ ماذا كانت ستكتب في تقاريرها؟ وكيف كانت ستملأ عشرات الصفحات عن سجن صحافيين وقمعهم واختطافهم؟ هذه الأسئلة وغيرها انتشرت في عدد من المدوّنات والمنتديات العربية الساخرة من وضع الصحافيين في العالم العربي. طبعاً، هناك مبالغة، فعملية قمع الإعلاميين تنتشر في مختلف دول العالم، حتى تلك التي تتغنّى بحرية الصحافة، وفق التقرير الأخير الصادر عن منظمة «مراسلون بلا حدود». لكن غالباً ما تحتلّ الأخبار الواردة من الدول العربية، مساحة واسعة من هذه التقارير.
في مختلف أنحاء العالم العربي، تنقّل سيف الرقيب ليحاصر كلّ من تجرّأ على تخطّي الحدود المرسومة للعمل الإعلامي. فلسطين والعراق والصومال، لعلّ هذه الدول الثلاث، كانت الأكثر خطراً على العاملين في مجال الإعلام، كما جاء في تقرير نشره «المرصد العربي لحرية الصحافة». في فلسطين مثلاً، حوصر الإعلاميون من كلّ الجهات: إسرائيل تقصف مقارّ مؤسسات إعلامية، والسلطة تعتقل صحافيين تابعين لحركة «حماس» في الضفة الغربية، فيما تضيّق الحركة على مناصري «فتح» في قطاع غزّة. وفي الصومال، وصل عدد الصحافيين المقتولين إلى تسعة، قامت جماعة «الشباب» المتطرّفة بتصفيتهم. أما العراق، ورغم انخفاض عدد الإعلاميين المقتولين فيه مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أنّ أحداث العنف حصدت أرواح خمسة إعلاميين. وبقي بلاد الرافدين، بالنسبة إلى المنظمات الحقوقية، إحدى أكثر المناطق خطراً لممارسة العمل الإعلامي.
ورغم اختلاف التقارير الصادرة نهاية عام 2009، بشأن عدد الصحافيين المقتولين والمعتقلين، إلا أنّها أجمعت على أن الشرق الأوسط، يبقى أكثر المناطق التي يتعرّض فيها الإعلاميون للاعتقال. والقصة الأشهر في هذا المجال، تبقى اعتقال الصحافي التونسي توفيق بن بريك، ورفض إطلاق سراحه رغم وضعه الصحي المتدهور. هذا إلى جانب استمرار السلطات المصرية باعتقال المدوّن كريم

يبقى العراق أكثر المناطق خطراً لممارسة العمل الإعلامي
عامر للسنة الثانية على التوالي بعد نشره مجموعة مقالات تنتقد الأزهر. وتبقى المأساة الحقيقية في عام 2009 التي تجاهلتها أغلب التقارير الصادرة، هي ما يحصل في اليمن. اختتمت السلطات العام باختطاف الصحافي خالد جحافي من موقع «الصحوة» الإلكتروني، فيما لا تتوافر معلومات حتى الساعة عن مكان وجوده. وقد سبقت هذه العملية مجموعة اعتقالات طالت الصحافيين شفيق العبد، وإياد غانم، وفؤاد راشد... كل ذلك تحت حجة واحدة «محاربة الإرهاب».
ولعل القاسم المشترك بين الأنظمة العربية هو تحريم الحديث عن النظام الحاكم، وخصوصاً في دول المغرب العربي. إذ أجمعت التقارير على التضييق الذي يطال صحافيي تونس والجزائر والمغرب عند انتقاد الطبقة الحاكمة. وتأكيداً على ذلك، ذكر تقرير صادر عن «مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان»، ما جرى من محاكمات في المغرب عندما نشرت صحف تقارير عن تدهور صحّة الملك...
وعلى جبهة الإنترنت، استطاعت الدول العربية أن تبقى رائدةً في مجال حجب المواقع واعتقال المدوّنين من دون أي أسباب قانونية موجبة، وخصوصاً في مصر والمملكة العربية السعودية، وحتى... دبي. إذ فرضت على المدوّنين والإعلاميين قيوداً إضافية، وخصوصاً مع اندلاع الأزمة المالية في الإمارة.