عبدالإله الصالحي لا شك في أن الدورة الأخيرة من معرض الدار البيضاء للكِتاب التي اختتمت الأحد، كانت أول اختبار لوزير الثقافة الجديد بنسالم حميش (الصورة) بعد عام على تعيينه. للأسف، تشير كل المعطيات إلى أن صاحب «مجنون الحكم» خرج ضعيفاً من الامتحان الذي لا يتطلّب قدرات خارقة، اللهم إلا حسن الإدارة والتوافر على فريق عمل في مستوى الحدث. ذلك أن الدورة كانت باهتة بكل المقاييس، من حيث التنظيم والبرمجة ونسبة الإقبال. وإذا كان مشهد الندوات التي لا يتجاوز جمهورها عدد المحاضرين الجالسين في المنصة منظراً مألوفاً، لا يصدم سوى الزوار الأجانب، فجديد هذه الدورة إقصاء مديرية الكتاب عن عملية التنظيم بسبب صراع غير معلن بين حميش و رئيس المديرية حسن نجمي.
الكتّاب والنقاد المغاربة قاطعوا نشاط المعرض بصورة غير مسبوقة، إما بسبب موقف مبدئي من المعرض وإما بسبب قرار الوزير المفاجئ حجب المكافآت عن الكتّاب المساهمين في النشاطات الموازية. هذه المكافآت تعويض هزيل لا يتجاوز 140 دولاراً وحجبها جاء تحت ذريعة التقشف. وهو التفسير نفسه الذي أعطته وزارة حميش لقرارها إغلاق مجلة «الثقافة المغربية»، إحدى المطبوعات النادرة المتخصصة في الشأن الأدبي في المغرب، التي تتكفل بها الوزارة. وهذه المقاطعة خلقت الكثير من الإرباك في البرامج وألغت بعضها، ما عمّق الهوة بين البرنامج على الورق وحقيقته على أرض المعرض.

ارتكب الوزير بنسالم حميش أخطاءً قاتلة، وخرج ضعيفاً من الامتحان
وإذا كان سعادته يُراكم منذ أشهر الإطلالات التلفزيونية في «الجزيرة» وغيرها لبثّ خطاب متفائل بشأن الأوضاع الثقافية في المملكة، فقد لاحظ الجميع غيابه المدوّي عن برنامج لقناة «دوزيم» خُصّص لمعرض الكتاب. فقد اعتذر حميش عن عدم تلبية الدعوة، ما أصاب الشاعر عبد اللطيف اللعبي بالحنق، لأن معظم النقاط التي أثيرت في اللقاء تستوجب إجابات من الوزير باعتباره المعني الأول بالشأن الثقافي المغربي وإشكالاته المزمنة.
بصراحة، لا أحد في المغرب، حتى خارجه، كان ينتظر المعجزات من الكاتب والمثقف المعروف حميش بعد تعيينه وزيراً للثقافة، لأن الأوضاع الثقافية المتردية هناك تتجاوز صلاحيات الوزارة، وهي جزء من حالة التردي العام الذي تشهده المملكة. لكن أن يُراكم مبدع من حجم حميش سلسلة أخطاء قاتلة في وقت قياسي، فتلك «معجزة» أخرى على الطريقة المغربية لا تليق بمثقف من حجم بنسالم حميش!