سناء الخورينورمان فنكلستين غير مرغوب به في برلين! هل بات صاحب «صناعة الهولوكوست» إرهابياً (أو تحريفيّاً) خطيراً؟ الباحث الأميركي اليهودي، وأحد أبرز المشتغلين على تفكيك خطاب الآلة الدعائيّة الصهيونيّة (ترجمه الزميل سماح إدريس عن «دار الآداب»)، كان يعتزم تقديم محاضرات في براغ وبرلين وميونيخ، حين اكتشف أنه ضحيّة المنع في العاصمة الألمانيّة. تحت عنوان «بعد سنة على العدوان الإسرائيلي على غزّة ـــــ دور الحكومة الألمانيّة في التجويع المنهجي للشعب الفلسطيني»، دعي فنكلستين لإلقاء محاضرة بمبادرة من المكتب التربوي التابع لمؤسسة «هينريش بُل»، ومؤسسة «روزا لوكسمبورغ» بالاشتراك مع جمعيات مقرّبة من اليسار الألماني. لكنّ أصحاب الدعوة رضخوا لضغوط اللوبي الصهيوني في برلين، وألغوا اللقاء الذي كان مقرراً في 26 الحالي. وهي المرّة الثانية التي تقفل أبواب ألمانيا بوجه مفكّر معادٍ للصهيونية في عام... إذ منع إيلان بابيه، أبرز المؤرّخين الجدد في إسرائيل، من إلقاء محاضرة في بلديّة ميونيخ في الخريف. وخلال تناولها الحدث، لفتت صحيفة «جيروزالم بوست» الإسرائيليّة إلى بيان أصدرته مؤسسة «هينريش بُل» في برلين، هو أشبه بفعل ندامة، جاء فيه أنّ «أطروحات فنكلستين تأخذ مكانها خارج أطر النقد المبرر». بينما اعترفت «روزا لوكسمبورغ» بأنها أساءت تقدير الطابع «المتفجّر» للمحاضرة. ويبدو أن ردّ الفعل هذا، جاء إثر التهويل الذي قاده جناح آخر في اليسار الألماني مناصر لإسرائيل.

ذكّرت ليلى الزبيدي بمواقف المؤسسة الداعمة لفلسطين

وفي مدونته، ردّ فنكلستين على «جيروزالم بوست»، لافتاً إلى أنّه لم يعد يرغب بزيارة ألمانيا، ما دام بعض «الألمان مصرين على ألا يسمع الآخرون إلا الخطاب المروّج لإسرائيل». وفي إشارة إلى أنّ عنوان المحاضرة هو الذي فجّر الأزمة، قال «الراديكالي الأميركي»: «لم أختر العنوان. لو فعلت، لصغته بطريقة مختلفة». من جهتها، لفتت ليلى الزبيدي مديرة مكتب «هينريش بُل» في بيروت، بأنّ مكتبها لا يتبنّى بالضرورة مواقف المركز الألماني. «لدينا أجندة خاصة ونتمتّع باستقلاليّة». وذكّرت بمواقف المؤسسة الداعمة للقضيّة الفلسطينية. بل أوضحت أن هلموت أداماشيك المسؤول عن «المكتب التربوي» المعني بالبرمجة ثم بالمنع، «معروف بتعاطفه مع فلسطين». ماذا حدث إذاً؟ هل بدأ اليسار الألماني يخضع للضغوط الصهيونيّة؟ خيبة الأمل أصابت كثيرين. فقد وجّه رايموند دين، الموسيقي الإيرلندي والرئيس السابق لـ«حملة التعاون الإيرلندي الفلسطيني»، رسالة إلى المؤسسة التي تحمل اسم الكاتب الألماني الشهير، صاحب «شرف كاتارينا بلوم الضائع»، لافتاً إلى أن «تشجيع ثقافة التهديد والرقابة الذاتيّة لن يسهم في حلّ الوعي الألماني الشقي والعلاقة مع الماضي».