زينب مرعي
الأرض محروقة والإنسانيّة مفقودة... والحضارة انهارت. نحن أمام مشهد «أوكاليبتيّ»، يصوّره الأخوان هيوز في «كتاب إيليا». ماذا حدث لتتحوّل الأرض إلى كل هذا الخراب؟ الجواب لن يكون واضحاً في The Book of Eli، فليس مهماً معرفة سبب الدمار ولا فكرة «القيامة» التي صارت مكرورة في الأفلام الحديثة. لكن الجديد في الشريط الذي يُعرض في الصالات اللبنانية هو ذاك «الحاج» بصورته الحديثة. ترسم هوليوود هذه المرّة صورة المؤمن (دينزل واشنطن) على شكل رجل جذّاب، بعضلات مفتولة، يحمل سيفه القاطع والإنجيل الذي يحمي.
فتح الفيلم المجال لتساؤلات كثيرة عن دوافع هوليوود لإنتاج فيلم «روحاني» في القرن الواحد والعشرين: هل هو بداية موجة جديدة تأخذ فيها هوليوود دورها المعتاد في تسويق الأفكار؟ أم أنّها تحاول أن تطأ أرضاً عذراء لترى مردود الربح الذي ستدرّه عليها؟ نجح «كتاب إيليا»، نسبياً، في الاختبار المالي، إذ حصد حتى الآن 109 ملايين دولار في العالم. هذا النجاح لا يمكن ردّه كلّه إلى الدين. دينزل واشنطن والعنف الذي ينضح به العمل يتحمّلان مسؤوليّة كبيرة في نجاحه.
هذه المرّة، كسر الأخوان هيوز قاعدة العنف والجنس لتحقيق الأرباح في شباك التذاكر، ولجآ إلى معادلة الدين والعنف. ورغم أنّ عنف الفيلم أزعج كثيرين، لكون النبي إيليا قاتل بسيفه أنبياء البعل ـــــ حسب الرواية التوراتية ـــــ إلّا أنّهم أقرّوا بضرورته لجذب شريحة واسعة من الناس.
تماماً كالنبي الذي يحمل اسمه، يخبرنا «إيليا» في الفيلم أنّه سمع صوتاً طلب منه أن يحمي آخر إنجيل بقي بعد «الحرب المدمّرة»، ويسير به إلى مكان ما في غرب الولايات المتحدة. وسيحظى إيليا، الأعمى، بالحماية الإلهيّة حتى يُكمل مهمّته، وسط أناس صاروا وحوشاً ضارية، بعدما فقدت الأرض الموارد... والدين.
خلال رحلته، يواجه إيليا «كارنيغي» (غاري أولدمان) الذي يبحث أيضاً عن الإنجيل الأخير، لأنّ هذا «الكتاب» سيمنحه السيطرة الكاملة على منطقته. هكذا يضعنا المخرجان أمام نظرتين متناقضتين للدين: الأولى تتمثّل في دوره في إخضاع الناس إذا استعمل في المكان الخطأ، والثانية ترى فيه مدماك الحضارات... شرط أن يصل «إيليا» مع تلميذته إلى الغرب!