بسام بوننيعبر شبكة المراكز الثقافية التابعة للسفارات الفرنسية في العالم العربي، انطلقت سلسلة ندوات ضمن «مشروع علاء الدين» تهدف إلى توعيتنا بالهولوكست! ولأن تونس الرسمية دأبت أخيراً على انتقاء مَن هو أهل لإعطائها دروساً، فإنّ أولى الندوات جرت وراء أسوار المركز الثقافي الفرنسي في تونس. وهنا، لا فائدة من التذكير بأنّ منظمي الندوة لم يحتاجوا إلى ترخيص، كما يحصل في الأنشطة التي تنظّمها المعارضة أو النقابات لدعم القضية الفلسطينية. لكن هناك أسباب كافية لرفض المشاركة التونسية في المشروع. أوّلاً، ليس هنالك تونسي واحد يحترم نفسه، يشكّك في المحرقة. ولعلّ تصريح الحبيب بورقيبة لصحيفة «لاكسيون» (8 ك2/ يناير 1938) خير دليل على ذلك. مؤسس الجمهورية التونسية قال آنذاك: «اليهودية ديانة. أمّا الصهيونية، فأطروحة». وطالب بـ«تنقية اليهودية من الصهيونية»، تماماً كما طالب مفكّرون خلال الحرب العالمية الثانية، بـ«تنقية ألمانيا من النازية».
ثانياً، كيف لنا نحن تلقّي دروس في المحرقة؟ هل يجهل القائمون على المشروع الذي بادرت إليه فرنسا التي تنكر قذارة تاريخها الاستعماري أنّ آلاف التونسيين اليهود كانوا يحملون النجمة الصفراء، بينما أُجبر آخرون على العمل بالسخرة؟ ومن يشكّك لحظة في أنّ التونسيّين المسلمين حموا اليهود من القوات النازية التي رابطت في تونس بين 1942 و1943، كخالد عبد الوهاب، أوّل عربي تمنحه مؤسسة «ياد فاشيم» لقب «الخيرين بين الأمم»؟

متى اعترفت باريس بدور المنصف باي في محاربة الوجود النازي؟

القائمون على «مشروع علاء الدين» هم المنكرون للتاريخ والمزيّفون له. متى اعترفت باريس بالدور التاريخي الذي أدّاه المنصف باي في محاربة الوجود النازي في بلادنا؟ ألم يكافئه أجداد القائمين على «مشروع علاء الدين» بالخلع بتهمة «التواطؤ مع الأعداء»؟ حريّ بالفرنسيّين أن يردّوا الاعتبار إلى هذا الزعيم قبل أن يعطونا دروساً في احترام ضحايا الحرب. وردّ الاعتبار يكون بتأريخهم للحقبة الاستعمارية في تونس. وأخيراً، كيف للحكومة أن تقبل أن تكون طرفاً في مشروع يرفض القائمون عليه الاعتراف بالمحرقة الفلسطينية؟ ألم تتراجع منظمة الأونيسكو، الطرف الآخر في مشروع «علاء الدين»، تحت ضغط إسرائيل وأصدقائها، عن اعتبار الصهيونية شكلاً من العنصرية؟ حتى لو قُدّر لبلادنا أن تحتضن هذه الندوات، هل علينا قبول مجيء الصهيوني سيرج كلارسفيلد (الصورة)، والد أرنو كلارسفيلد، الجندي في الجيش الإسرائيلي؟ ماذا لو كان «مشروع علاء الدين» بوابة للتطبيع؟