strong> أحمد الزعتري «عندما أكون في جولة موسيقية في مدينة بلا اسم، وأكون مكتئبة والجميع متشابهين، تخطف أنتَ بصري، فنفعلها. لكن رجاءً لا تعتقد أنّ الحبّ سيدوم أكثر». هكذا تغني الأميركية جانيس جوبلين الحب خلال فترة اشتعال الهيبيّة في الستينيّات بكل تفلّتها وتمرّدها على النظم السياسية والاجتماعية وحتى الموسيقيّة. في الواقع، لا تخرج أغنية One Night Stand عن الكليشيهات التي ورّط الموسيقيون الهيبيّون أنفسهم فيها. هم دائماً في جولة موسيقيّة على الطريق، حيث الجنس والحب مفهومان مختلفان، لكنّهما أيضاً شرطان ضروريّان لأغنية الروك الثوريّة. عاشت جانيس جوبلين (1943 ـــــ 1970) حياة متمرّدة، أشبعتها بالإدمان على الهيرويين وعلاقاتها المتعددة، حتى ماتت وهي في الـ27 من عمرها بجرعة زائدة من الهيرويين والكحول. تركت جوبلين إرثاً موسيقيّاً اخترقت به عالم الروك الرجوليّ بصوتها المجروح، وروحها المرهقة، وشعرها الهيبيّ الطويل الذي يجرح وجهها الممتلئ. لم تكن جوبلين غريبة في عالم الرجال فقط، إذ اشتهرت بكونها مغنية بلوز أيضاً رغم أنها كانت بيضاء البشرة، وتغرّبت مراراً في علاقاتها المتعددة بين الرجال والنساء. ارتبطت جانيس في حياتها بعلاقات عدة، كان آخرها مع موزّع للكوكا كولا، قيل إنّه كان السبب وراء إدمانها وموتها. أما أشهر تلك العلاقات فكانت مع صاحبة بوتيك تدعى بيغي كاسيرتا، عاشت معها كعشيقة في علاقة مفتوحة لسنوات عدة، كما تقول في كتابها Going Down with Janis Joplin.
لاحقت لعنة الحبّ تلك داليدا أيضاً: «أنا مريضة» كانت تغنّي. ورغم أن الجميع لاحظ تلك النبرة الاستسلاميّة في صوتها، إلا أنها خلّفت العالم وراءها مذهولاً بانتحارها في عام 1987، بعدما علّمها طليقها واثنان من عشّاقها طريقة للتخلّص من كل هذا الألم، وربما من كل هذا الحب.
بعد رحلة قصيرة نسبيّاً في غناء الشانسون القروسطي الفرنسي، والبوب، والفرانكو ـــــ أراب وحتى الديسكو، ابتلعت جرعة مميتة من دواء، تاركةً ملاحظة قصيرة تشبه أغنياتها: «صارت الحياة لا تطاق... اغفروا لي». قد تبدو جوبلين وداليدا نموذجين متطرفين للموسيقيّات العاشقات، إلا أنهما أيضاً نموذجان للمرأة العاشقة البسيطة التي تبحث عن التعويض في أشدّ المهن قساوةً. وهو ما يقوله ليو فيرّي باختصار في أغنية «حياة الفنّان»: «أعطيتك ما أملك/ ما يلزم للغناء/ ما يلزم للحلم./ وكنت تؤمنين بحياتي البوهيمية/ لكن إذا كنت مقتنعة في العشرين/ أنّ بوسعنا العيش على سجيّة الزمن/ فإنّ وجهة نظرك لم تعد نفسها».