نجوان درويشعدت في الفجر من زيارة أحد أصدقائي في البلدة القديمة. جزء من حديثنا ـــــ بجانب الفنون وتأملات الخراب ـــــ كان عن قلقه على بيت عائلته الموجود هناك. كان قلقاً ـــــ ومعه حق ـــــ من استيلاء مستوطنين أو عملاء عليه. ثمة حالات مشابهة حصلت في الآونة الأخيرة. هو سيسافر في الغد إلى لندن، حيث انتقل ليعيش مع زوجته وطفلته. حاولت طمأنته إلى أننا سنصنع شيئاً، كما اتفقنا على زيارة محام مختص في عقارات البلدة القديمة حين يعود في الزيارة المقبلة في نيسان (أبريل).
لا أحد في الشارع في «باب حُطّة»، حيث ركنت سيارتي. وبينما كنت أشغّلها، كان ثلاثة جنود احتلال يمرّون ويتحادثون. لم يكترثوا لوجودي. لعلّهم اعتقدوا أنّني أحد السكان المنطلقين فجراً إلى أشغالهم. (في حالات أخرى لا يتوّرعون عن فحص هويتك وإزعاجك). أو لعلّهم ظنّوني أحد المصلين المنطلقين إلى جامع قريب. (الناس يتجنّبون صلاة الفجر في المسجد الأقصى بسبب المضايقات. أخبرني أحد الأصدقاء: إذا تكرر أداؤك لصلاة الفجر في «الأقصى»، فستطلبك الاستخبارات الإسرائيلية).
قرار بهدم العمارة في بيت حنينا... «بدنا مساعدتك»
نمت بمجرد وصولي إلى «البيت» في الرابعة والنصف (هو الآخر مهدّد بالمصادرة ولا أعرف إلى متى سنصمد فيه!). في الساعة الـ11:55 ظهراً، وبينما كنت أعارك أحلاماً كابوسية (لكنها تعجبني لأنها تكشف عن واقع غريب يتفكّك فيه الزمن) رنّ الخلوي. كنت نسيت إغلاقه، كما كنت أفعل عادةً قبل النوم. في الحقيقة، لم أعد أملك ترف إغلاق الخلوي أثناء النوم. صرت أتركه مفتوحاً تحسّباً للكوارث. تناولته وأنا نصف مستيقظ، فإذا على الخط الآخر صديق آخر يخبرني أن قراراً بهدم العمارة التي فيها بيت أهله ـــــ في «بيت حنينا» ـــــ قد صدر أمس. خلال عشرة أيام، سينفّذ قرار الهدم، ولا أحد يكترث. يقول إنّ في العمارة 32 شقة تسكنها 32 عائلة. يقول إنّ السكان شبه مستسلمين بعد ثماني سنوات من «المحاكم». قال «بدنا مساعدتك». ماذا يمكننا أن نفعل. قلت له نفعل أضعف الإيمان: نطلب من الناس أن يعتصموا في بيوتهم ويرفضوا إخلاءها، ونجعل الموضوع قضية إعلامية. من يمكنه أن يهدم عمارة في داخلها أفراد 32 أسرة؟ وأيّة قوات من الشرطة يمكنها إخلاء هؤلاء بالقوة؟
الساعة الآن تقترب من الثالثة ظهراً. دعني أُحرّف مقطعاً من صلاة مسيحية: أعطنا يا رب صمودنا كفاف يومنا، واغفر لنا أُمّتنا.. آمين!
10-2-2010