من روّاد الأغنية الملتزمة، شهدت مسيرته تقلّبات وتعرّجات. في أمسيته، يقدّم تحيّة إلى الفنان الشعبي عمر الزعنّي، ويؤدي أغنيات من ألبومه الجديد الذي ضمّ أشعاراً لمحمود درويش وآخرين
بشير صفير
مضت سبع سنوات على ألبوم «صوتن عالي» (2002) للملحن والمغني أحمد قعبور. خلال هذه الفترة، عمل على ألبومه الذي صدر أخيراً بعنوان «بدّي غنّي للناس» (إنتاج خاص/ توزيع «نادي لكلّ الناس»). سبع سنوات هي أيضاً المسافة الزمنية بين «صوتن عالي» الذي وثّق فيه قعبور تجربته الثانية (تلك التي كرّسته لسان حال الحريرية الفنيّ في أعمال مثل «يا حبيب الروح»، «البلد ماشي»...) وبين «أناديكم» (1995) الذي ضمّنه أبرز أغاني التجربة الأولى التي سخّرها للقضية الفلسطينية وأهل الجنوب وفقراء بيروت وبعض ما أنتَج مطلع التسعينيّات. من هنا، باتت عبارة «الانتقال من اليسار إلى اليمين» ملازمة لكل حديث



مقطع من "وينك يا حرية"








عن أحمد قعبور، وذلك لاقتناعه بـ«مشاريع المستقبل» منذ 1992، بقدْر تبنّيه «قضايا الماضي» خلال الحرب الأهلية اللبنانية. الفنان المخضرم الذي يقدّم حفلة مساء اليوم بعد غياب أربع سنوات (راجع الكادر)، بدأ مسيرته أوائل السبعينيّات، فاعتاد بدايةً، كغيره من «الرِّفاق» أمثال خالد الهبر وقبله مخول قاصوف، أداء كلاسيكيات الأغنية الفرنسية (جاك بريل وجورج موستاكي...) والعزف على الغيتار. بعدها، انخرط في النضال الفني والحزبي (منظمة العمل الشيوعي). كان من روّاد الأغنية الملتزمة في لبنان بكل أشكالها (السياسية، والثورية والاجتماعية...)، مع غازي مكداشي وخالد الهبر وعصام الحاج علي وغيرهم ممن جمَعهم «الكورس الشعبي» الذي نشط بين 1975 و1980. بغض النظر عن الخط السياسي الذي نعرض لتحولاته كوقائع ترتبط ارتباطاً وثيقاً بفن قعبور، يبدو الفنان اللبناني أقلّ تألقاً اليوم. ليس في جعبته الكثير من الألحان الجميلة نسبةً إلى



مقطع من "من هناك"








ريبرتواره القديم. ضمن القالب الموسيقي والغنائي الذي عُرف به قعبور (بين لحن وتوزيع وأداء)، ذاك الذي يغرف من الشرق بقدر ما يستعير من الغرب، لا تحمل الأسطوانة الجديدة مفاجآت كبيرة. يبدو واضحاً التعويل حتى الاستنزاف على أغنية «أناديكم» التي ورَدَت بثلاث نسخ (!) في «بدّي غنّي للناس». الأولى هي إعادة توزيع موسيقي للنسخة الأصلية، ورؤيتان موسيقيّتان (Instrumental) هما عبارة عن تنويعات على أنغام اللحن الأساسي. هنا، نذكر أغنية «بدّي غنّي للناس» (كلمات أحمد قعبور/ مهداة إلى سمير قصير) التي يستعيد قعبور لحنها من ريبرتوار الفرنسي الراحل ميشال برجيه (أغنيته الشهيرة Chanter Pour Ceux). أضف إلى ذلك أن بعض الألحان مثل «ولهذا أستقيل ـــ عنوان بيتي» (كلمات محمود درويش) و«أمي» (كلمات زاهي وهبي) و«وينك يا حريّة» (كلمات أحمد قعبور)

تُذكّرنا الأسطوانة بماضيه الفني البعيد
، تُستخدَم في توزيعها أصواتٌ مبرمجة غير مبرَّرة (بمعنى أن الآلات تستطيع توفيرها)، تنسلّ بين أصوات الآلات (أو تمثّل الأساس أحياناً)، ما يضفي دمغة تجارية على جوها العام. في المحصلة، حوت أسطوانة «بدّي غنّي للناس»، إضافة إلى «أناديكم»، سبع أغنيات من كلمات قعبور وعبيدو باشا وعبد الغني طليس وزاهي وهبي ومحمود درويش. وشارك في توزيعها الموسيقيّ هاني سبليني وفراس شاتيلا ومازن سبليني. كذلك ضمّت الأسطوانة، إلى النسختَين الموسيقيتَين من «أناديكم»، مقطوعتَين هما «معركة» و«من هناك؟» مثّلتا الحلقة الأضعف في العمل، بسبب انتمائهما إلى النمط التصويري الأوركسترالي (بين مزدوجين) الخفيف بعض الشيء شكلاً ومضموناً. جديد أحمد قعبور يعيدنا إلى الهويّة السياسية ـــــ الاجتماعية التي وسمت ماضيه البعيد... فهل نشهد قريباً انتقاله إلى مرحلة تردم الهوّة بين الماضي و«المستقبل»؟

8:00 مساء اليوم ـــــ «قاعة جمال عبد الناصر»، (جامعة بيروت العربية، الطريق الجديدة، بيروت) ـــــ للاستعلام: 01/707440


تحيّة إلى عمر الزعني

بعد غياب أربع سنوات، يطل أحمد قعبور على جمهوره من «جامعة بيروت العربية» ليقدّم حفلة تتمحور حول عمر الزعنّي (1898ـــــ1961). هكذا يستعيد من الأغنيات الساخرة التي تركها فنان الشعب البيروتي، باقةً أعدّها بأسلوب حديث، ويؤديها برفقة إيمان حمصي (قانون)، أحمد الخطيب (إيقاعات) ومازن سبليني (برمجة وتوزيع موسيقي). بالإضافة إلى ذلك، تُبَثّ خلال الأمسية أغنيات بصوت الزعني (مثل أغنية «بدنا بحرية» التي يرافقها فيديو كليب خاص)، وتتخلل اللقاء حوارات بين الرَجلَين، من خلال مونولوغات مسجّلة للفنان الراحل ومداخلات كلامية لقعبور.