لم يعد مجدياً إقناع «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بإيقاف مد «حالة» ليلى عبد اللطيف وجزرها. يبدو واضحاً، من خلال الإصرار على الإطلالة الشهرية لـ«ملكة التوقعات»، كما تسميها القناة أن «الموجة» مربحة. والانتقادات التي تطاولها إثر كلّ إطلالة، تؤكد لأصحاب القرار صوابية خيارهم.
وهذا ما سبق وأعلنه رئيس مجلس إدارة القناة بيار الضاهر بنفسه، مؤكداً في حديث إلى «النهار» قبل أسابيع أن لا أحد يمكنه أن ينافس ليلى عبد اللطيف. فُرضت عبد اللطيف أمراً واقعاً على اللبنانيين إذاً. فليكُن. ها نحن نعلن استسلامنا لما تختاره لنا ــ وللمفارقة ـــ قناة «الثورة» والتغيير الاجتماعي. ويبقى الرهان على وعي المشاهدين كي لا يقعوا ضحية «التوقعات» التي تخرج بها علينا كلّ شهر. لكن ماذا عن الضحية الأولى التي توقعها LBCI داخل بيتها؟ ماذا عن فريق نشرة الأخبار الذي تجنّده القناة خدمة لمصداقية عرّافة الجيل؟ الحلقة التلفزيونية التي يقدّمها الثنائي رجا ناصر الدين ورودولف هلال مساء كل آخر أحد من الشهر، تعتمد على المشهدية المقنعة التي تحاول القناة خلقها.
يتم هذا من خلال مقدّمات المقدّمَيْن التي لا يتخللها سوى المديح. على سبيل المثال، استهل رودولف موشحه الاستعراضي مساء الأحد الفائت بالقول: «أنتِ سيدة التوقعات الأولى، شاء من شاء وأبى من أبى». وبهذا، فهو والقناة التي يعمل فيها قد نصّبا عبد اللطيف على عرشٍ ما، لم يسمع به أحد، سوى أنه مدرّ للمال والاعلانات. وتأكيداً على استحقاق سيدة LBCI المدلّلة لهذا اللقب، يبدأ استعراض القناة لتوقعات عبد اللطيف السابقة ومحاولة إثباتها. في عملية استغباء واضحة للمشاهدين، تعمد إلى عرض تقارير إخبارية سبق وأعدّها مراسلو القناة نفسها لنشرة الأخبار، أو ألقاها مذيعو أخبار يفترض أنهم يتحلون بالرصانة، وتروح تجري المقارنات الفضفاضة بين توقّع هنا، وخبر هناك. يحصل هذا، فيما نشاهد على الشاشة وجوه المراسلين، ونستمع إلى أصواتهم. مراسلون يفترض أنهم يحظون بثقتنا، فإذا بعملهم يوظّف في عملية غشّنا.
ترى هل يعرفون ذلك؟ لدى سؤالنا عدداً من الزملاء الذين عرضت تقاريرهم خلال حلقة أول من أمس، عن موافقتهم على استخدام تقاريرهم في خانة «إثبات التوقعات»، قوبلنا بالتحفظ من البعض. لم يرغبوا في الحديث عن الموضوع، وطلبوا عدم ذكر أسمائهم.

توظيف تقاريرهم الإخبارية بهدف إضفاء الصدقية على «تنبؤات» ليلى عبد اللطيف
أمر لا يمكن فهمه إلا عدم موافقة. أما من وافق، مثل إدمون ساسين أجاب، فقد رأى أن مهنيته كمراسل «غير مرتبطة بعرض تقاريره في حلقة التوقعات. المصداقية تقف عند إنجاز التقرير، الذي يعد أصلاً خارج فلك ليلى عبد اللطيف»، في حين أشارت رنيم بو خزام إلى أن «التقارير التي تنجز تعود لنشرة الأخبار، وليس لبرنامج ليلى عبد اللطيف».
أما استخدامها في مكان آخر، ولو كان مسيئاً لصورة المراسل، فـ «هو شأن للإدارة»! من جهته، ينفي بسام أبو زيد أن تكون إدارة الـLBCI قد سألت أحداً من المراسلين عن رأيه في استخدام تقاريره في حلقة التوقعات، معلّقاً: «عن نفسي، أرفض استخدام أي تقرير أو تحقيق أنجزته بناء على جهد خاص بي، لكني لا أمانع استخدام أي تقرير إخباري يعرض خبراً عاماً تناولته مختلف وسائل الإعلام كملف الرئاسة مثلاً». أبو زيد، يدرك جيداً حجم المصداقية التي تضفيها إطلالة مراسل إخباري في موقع غير موقعه. فقد كان هو نجم حلقة شهيرة من برنامج «بس مات الوطن» قبل سنوات، أطلّ فيها علينا ليعلن العثور على زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في لبنان. وعلى الرغم من أن الشاشة التي أطلّ عبرها أبو زيد كانت مزيّنة بكلمة lie في أعلاه، وأنه أطلّ في برنامج يعرف الجميع أنه ساخر، قامت الدنيا ولم تقعد يومها. أثار الأمر ضجة واسعة على أكثر من صعيد. إعلامياً، كانت صورة المراسل المهنية ومصداقيته، هي محط السؤال.
الاستفهام نفسه يطرح اليوم، لكن بشكل أكثر جدية: هل يحق للمؤسسة الإعلامية استخدام المراسل الإخباري في إطار يسيء إلى مصداقيته وإلى صورته المهنية؟ ويصبح هذا السؤال أكثر إلحاحاً إذا تذكرنا أننا نحكي عن قناة «ثائرة»، تتبنى مطالب الحراك الشعبي، وتفتح له هواءها طيلة الوقت.
ترى هل يحظى مراسلو القناة بترف سؤالهم عما إذا كانوا يوافقون على استخدام عملهم وصورتهم لمنح «ملكة التوقعات» مصداقية؟ وإذا رفضوا، هل ستستجيب القناة لطلبهم رفض استخدام عملهم المحترف، إلا في ما يخدم مهنتهم الإخبارية؟ أم أن قناة «الثورة» تتعامل مع ما تملكه من إنتاج على قاعدة: الأمر لي، شاء من شاء، وأبى من أبى؟




يا ليلى ليش عم تبكي؟

استهلت ليلى عبد اللطيف حلقة الأحد الفائت بسلسلة «خطابات رنانة» لا مكان واضحاً لها في برنامج توقعات سوى من زاوية التودد في العلاقات. توجهت بالتعزية للسعودية على «موت الحجاج» في حادثة منى، وللإمارات بموت ولي العهد راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم. على غرار «الواجبات الاجتماعية» التي تؤديها «ملكة التوقعات»، فإنها توجهت كذلك بما سمته «رسالة للوطن». استفاضت بإلقاء كلمات إنشائية تصف الوضع الاجتماعي في لبنان، إلى أن تغلبت عليها الدموع، وبكت، تماماً بما يخدم المشهدية المؤثرة للحلقة. دموع لم تستعطف الجمهور، كما كان مقرراً لها. في غضون ثوانٍ، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ: «ليش بكيت ليلى»، حاملاً معه كمّاً هائلاً من النكات والصور الساخرة. ومن أكثر ما قيل باستهزاء كان: «ألم تتوقع أنها ستبكي خلال الحلقة؟» أو «يا ليلى ليش عم تبكي؟».