القاهرة | ليست المرّة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تنطلق فيها حملات هجاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضدّ ريهام سعيد مقدّمة برنامج «صبايا الخير» على قناة «النهار». لكن الغاضبين هذه المرة من جنسيات عربية مختلفة وليسوا المصريين فقط. صحيح أنّ المقدّمة المصرية تتعرض باستمرار لحملات احتجاج على مضمون برنامجها، أبرزها كان عند استضافتها فتيات ادعت أنهن ممسوسات من عفاريت الجنّ.
وقتها، كان النقد الغاضب يفتّش في أجندة المقدّمة التي تفتح الشاشة لظواهر غيبية وتعطيها أولوية تحقّق لها نسب مشاهدة مرتفعة، وسط تشكيك متواصل في صدقية الضيوف. اعتادت سعيد أن تستضيف المتّهمين في قضايا وتصدر أحكاماً على الهواء، واعتادت أن تظهر مرتدية علم مصر بمناسبة أو من دون مناسبة، وتركّز على دعمها للجيش وتهاجم «ثورة يناير».
دعمت المقدّمة محمد فودة المتّهم في قضية فساد وزارة الزراعة، لكنها أفلتت دوماً من أيّ مساءلة لتخطّيها حدود المهنية، أولاً لأنه لا جهة تحقّق العدالة في هذا الصدد، وثانياً لأن نسب مشاهدة برنامجها تجعل لها الكلمة العليا دائماً. غير أن ما فعلته مع اللاجئين السوريين أخيراً جاء متخطّياً الحدود على أكثر من مستوى. ظهرت سعيد وهي توزّع قطعاً من الملابس على اللاجئين السوريين في أحد مخيّمات لبنان، وصفته بأنه الأفقر على الإطلاق، وركّزت الكاميرا على تزاحم النساء والرجال من أجل الحصول على قطع ملابس لأولادهم. ادّعت مقدّمة «صبايا الخير» أنها فقدت السيطرة على عملية التوزيع، واستخدمت موسيقى حزينة مع مقاطع أوبريت «الحلم العربي»، وأجرت لقاءات مع سوريات يبكين ويعلن أمنية العودة إلى سوريا أياً كان النظام. إحدى اللاجئات قالت إنّه لولا الظروف، لما اضطروا إلى الهرولة بهذا الشكل وراء السيارة التي كانت تقف سعيد على سطحها والأيدي تتخاطف الملبوسات.

وصفها يسري فودة بأنها إحدى «بالوعات الصرف الإعلامي»

أنهت السيدة حديثها بعبارة «يعطيكم العافية»، لكن سعيد لم تردّ عليها كما تفترض أصول اللياقة والذوق. تحدّثت الإعلامية إلى الكاميرا عن المعاناة التي يعشيها كل شعب فرّط في أرضه، لتنتقل وتُقارن الحال بالوضع في مصر، وكيف نجح المصريون في الحفاظ على أرضهم، مطالبة جمهورها بإعادة النظر في «ثورة يناير» وإلى أيّ مدى أفادت المصريين أو ضرّتهم! الرسالة كانت واضحة، على المصريين أن يتوقّفوا عن المطالبة بالتغيير وتحسين ظروف المعيشة حتى لا يهرولوا وراء سيارات المساعدات كما «فعل» السوريون.
وعرّجت أيضاً على التظاهرات في لبنان لتطرح السؤال نفسه. تلقّف الفيديو الإعلامي يسري فودة، ووجّه إليها رسالتين قويتين عبر الفايسبوك. وصف فودة زميلته دون ذكر اسمها، بأنها إحدى «بالوعات الصرف الإعلامي»، واتّهمها بـ«استغلال مأساة شعب شقيق لإرهاب شعب مصر»، ورفض أن تعتبر نفسها متحدّثة باسم المصريين. الجمهور الذي كان قد ملّ الشكوى من أداء مقدّمة «صبايا الخير»، انطلق يتداول كلمات فودة على نطاق واسع. لاحقاً، ردت سعيد موجّهة السباب إلى الجمهور الرافض لها، ونعتت من يهاجمونها بالجهلة. لكن اللافت أن مئات المعلّقين أمطروها بعبارات سلبية على صفحتها التي يتعدى أعضاؤها 7 ملايين مشترك، ما يؤكّد أن كثافة المتابعة لا تعني رضى الملايين عن الأداء. غير أن سعيد لا تلتفت غالباً إلى التعليقات السلبية ولا حتى للإيجابية، فهي نموذج نادر لإعلامية لا ترى إلا نفسها على الشاشة، فيما البسطاء في مصر وسوريا مجرد «كومبارس» في الخلفية.