الرياض ـــ بدر الإبراهيمعاد الشيخ السعودي محمد العريفي ليثير الضجة مجدداً. بعدما أثار أزمةً مذهبيةً بتهجمه على السيستاني قبل فترة، ها هو يعود بتصريحات من نوع آخر مفادها أنّ الحلقة المُقبلة من برنامج «ضع بصمتك» الذي يبثّ يوم الجمعة على قناة «إقرأ» الدينية ستصوَّر في القدس. إثر هذه التصريحات، أعلنت الوزارة الخارجية الإسرائيلية أنّ «بوسع العريفي دخول القدس عبر التقدّم بطلب تأشيرة دخول إلى السفارة الإسرائيلية في عمان».
يبدو أن الحديث عن خطوات تطبيعية في السعودية انتقل من بعض رجال الأعمال والكُتّاب المتحالفين مع المحافظين الجدد، إلى رجال الدين والمطاوعة. لقد سبق العريفي كلامٌ لمحسن العواجي، المقرَّب من الإخوان المسلمين، عن جواز الظهور في القنوات الإسرائيلية لمخاطبة الرأي العام هناك، ما أثار ضجة كبيرة بين المشايخ السعوديين.
يثير الحديث عن زيارات تضامنية إلى الأراضي المحتلة سجالاً في الساحة العربية. ويؤكد المتضامنون على أهمية تحدّي الاحتلال والالتفاف حول الشعب الفلسطيني. لكن المشكلة تبقى أن المسألة تعتبر تطبيعاً وتكرّس الاحتلال كسلطة أمرٍ واقع وتمنحها الشرعية. وما يقوم به العريفي بحجة التضامن لا يعدو كونه خطوة تطبيعية تستحق احتفال الإسرائيليين. إلى جانب كونها زيارة لأرض محتلة، فإنها تأتي من رجل دين مسلم بما يكرّس صورة جديدة في التعاطي الديني مع الاحتلال سيتلقفها الإعلام الإسرائيلي بكل ترحاب.
والحقيقة أنّ العريفي ينتمي إلى خطاب لا تجد فلسطين مكاناً لها في قمة أولوياته. هو يركز على التدين المظهري والسلوكيات ويرى الخطر في خروج المرأة إلى العمل والشارع، ووجود مخالفين فكرياً أو مذهبياً «للعقيدة الصافية». هكذا، يُسَخّر طاقته لقمع المختلفين وإحداث فتنة مذهبية في الداخل.

الحلقة الجديدة من برنامجه «ضع بصمتك» ستُصوَّر في القدس

لم يكن هذا الخطاب معنياً كثيراً بالهموم المعيشية والإصلاح ومكافحة الفساد ولا بقضية فلسطين بقدر ما اعتنى بقضايا ذات علاقة بتصدير الفكر الوهابي إلى الخارج. وإذا حضرت فلسطين في أدبيات هذا الخطاب، فإنها تحضر من باب العداء لليهود (لا للصهاينة). لذلك، لا يسمع أحد بموقف للشيخ العريفي على منابره الإعلامية المتعددة من حصار غزة والجدار الفولاذي وممارسات الاحتلال، لكنه يملأ السمع والبصر في تحذيره من خطر الشيعة والعلمانيّين.
لقد قدّم جورج غالاوي من التضامن مع قضية فلسطين ما لم يقدّمه الشيخ العريفي وكثيرون غيره من العرب والمسلمين. غالاوي كشف بقافلته التي سيّرها لفك الحصار عن غزة فشل المنظمات الأهلية والأحزاب العربية ورجال الدين أيضاً في تقديم تضامن ملموس مع معاناة الفلسطينيين والانتصار لقضيتهم العادلة.
إن السؤال للشيخ العريفي وغيره من المتضامنين يبقى قائماً: لماذا لا يذهبون إلى غزة لفك الحصار عنها؟ أم أنها تستحق «عقوبة إلهية» على خياراتها الكافرة بعقيدة النظام العربي الرسمي؟