شاهد زور على العصر» هكذا وصفت جريدة «تشرين» الإعلامي المصري، في وقت تردّد فيه أنّه سيقدّم اعتذاراً علنياً على الهواء
دمشق ــ وسام كنعان
بين تلفزيون «الجزيرة» والشعب السوري علاقة ودّية لم يعكّر صفوها أي مشكل أو أزمة. ولا تقتصر هذه العلاقة الطيّبة على الشعب، بل تتعدّاه لتصل إلى الحكومة ورموز السلطة السورية.
هكذا تحوّلت «الجزيرة» إلى مصدر أخبار يومي، يدخل معظم البيوت السورية. لكن الأزمة الأخيرة التي حصلت مع مقدّم برنامج «شاهد على العصر» أحمد منصور قلبت المعادلة. ورغم ثقة معظم السوريين بأن الإعلامي المصري لم يكن يقصد إهانتهم، إلا أن التعليق الذي أطلقه في الحلقة التاسعة (21 آذار/ مارس 2010) ضمن سلسلة الحلقات التي استقبل فيها أحد أبرز قادة الانفصال السوري عن مصر عبد الكريم نحلاوي، كان ثقيلاً، ومهيناً بالنسبة إلى الشعب السوري. إذ قال منصور: «هو الشعب السوري ده إيه؟ يوم يطلع لعبد الناصر يبوس ـــــ لا مؤاخذة ـــــ حذاءه، ويشيل عربيته من الأرض، وبعد شويّة يطلع يؤيد الناس اللي ضد عبد الناصر». وعندما قاطعه النحلاوي قائلاً إن الشعب السوري واقعي، ردّ منصور معلناً: «مش واقعي، ده شكله شعب عاطفي وينضحك عليه»!
كان منصور يهدف إلى الإثارة السياسيّة المبتذلة
وقد أثارت هذه التعليقات غضب وسائل الإعلام السورية التي تعالت أصواتها مطالبة باعتذار رسمي من قناة «الجزيرة» لكل الشعب السوري. ولكن بعيداً عن هذه الثورة الغاضبة، يمكن القول إنّ السبب الذي دفع منصور إلى إطلاق هذه الأحكام المُعدّة سلفاً، لم يكن أكثر أو أبعد من الإثارة السياسية، التي لا تتعدّى حدود الافتعال المبتذل، والخارج عن حدود اللياقات. وأصبح واضحاً أن الفضائية القطرية تلجأ إلى هذا النوع من الإثارة في عدد من برامجها لتقديم خطاب إعلامي جديد، يجعل الضيف يفقد أعصابه كما نشاهد مثلاً في «الاتجاه المعاكس».
ويتّضح لكل من تابع الحلقات التسع التي استضاف فيها مقدّم «شاهد على العصر»، عبد الكريم نحلاوي، أنّ منصور تعمّد استفزاز نحلاوي مراراً، من دون أن ينتبه إلى أنّ تعليقاته تتبنّى وجهة النظر الإسلامية من الملفّ السوري، وهي وجهة غالباً ما يتبنّاها في برنامجه.
وقد تكون هذه الحادثة سابقة جعلت الإعلام الرسمي السوري يهتم بالموضوع على غير العادة، فكتبت جريدة «تشرين» أمس تحت عنوان «شاهد زور على العصر»، مقالةً مقتضبةً هاجمت فيها مقدم البرنامج. ورأت أن الشعب السوري بأكمله شعب وحدوي، مطلقة من جهتها حكماً شاملاً وعاماً على كل الشعب السوري.
وبعد تخطّي موجة الاحتجاج الإعلامية السورية، أشيعت أخبار عن تقديم وزارة الإعلام السورية شكوى للحكومة القطرية، لكنّ مصدراً رفيع المستوى في وزارة الإعلام السورية نفى في تصريحٍ لـ«الأخبار» هذه المعلومة، وقال إن الوزارة لم تتقدم بأي شكوى رسمية. بل اكتفى الوزير السوري محسن بلال بالاتصال بوزير الثقافة القطري حمد بن عبد العزيز الكواري ـــــ بما أنه لا وجود لوزارة إعلام قطرية ـــــ ليبلغه احتجاج بلاده رسمياً على ما قاله منصور. وأضاف المصدر إنه «بعدما اتخذ الوزير القطري مجموعة من الإجراءات عاد ليؤكد لبلال أن الإعلامي منصور سيطلّ في حلقته المقبلة معتذراً من كل الشعب السوري».
ولتأكيد هذه المعلومات، اتصلت «الأخبار» بمكتب «الجزيرة» في دمشق. لكن هذا الأخير تذرّع بعدم توافر الشخص المسؤول المخوّل بالتعليق على هذا الموضوع، فيما فشلت محاولتنا في الاتصال بأحمد منصور.
هكذا سيظلّ الأمر معلّقاً حتى موعد بث الحلقة المقبلة من «شاهد على العصر» يوم الأحد (20:05)، حيث يُتوقّع أن يعتذر منصور. لكن بعضهم يرجّح أن يكون الاعتذار مساء اليوم في حلقة برنامج «بلا حدود» (22:05) الذي يقدّمه منصور أيضاً.