بعد انسحاب المخرج أحمد عاطف من «مهرجان لقاء الصورة» احتجاجاً على المشاركة الإسرائيلية في التظاهرة، توالت ردود فعل السينمائيين المصريّين ودعواتهم إلى المقاطعة ورفض التطبيع
محمد عبد الرحمن
عكس كل التوقّعات، تصاعدت أزمة مشاركة سينمائية إسرائيلية في «مهرجان لقاء الصورة السادس» في القاهرة، لتبلغ حدّ التهديد بخلاف دبلوماسي بين مصر وفرنسا. وتعتبر هذه الحادثة الأولى من نوعها. إذ جرت العادة أن تظل تلك الأزمات الفنية في إطارها الإعلامي والثقافي، بعيداً عن ملاعب السياسيين.
اللافت أنّ الأزمة التي تصاعدت بين مصر وفرنسا، لم تصل أصداؤها إلى إسرائيل التي كانت مشاركة إحدى مخرجاتها في المهرجان، أساس المشكلة، والدافع وراء إعادة إحياء ملفّ التطبيع. كما كان لهذه الحادثة، تأثيرها على النخبة المثقّفة المصرية. إذ ينادي بعضهم بضرورة رفض كل أشكال التطبيع، فيما يرفض البعض الآخر انسحاب الأفلام المصرية من المهرجان بحجة المواجهة.
وكان أحمد عاطف، أوّل من اكتشف مشاركة الإسرائيلية كارين بن رفاييل التي خدمت في الجيش الإسرائيلي. هكذا اختار المخرج المصري الانسحاب من عضوية لجنة التحكيم احتجاجاً على مشاركة بن رفاييل بشريطها «شبه طبيعي» الذي يتناول حياة مراهق في تل أبيب. بعد هذا الانسحاب، ردّ «المركز الثقافي الفرنسي»، الجهة المنظّمة للحدث، فاستبعد الفيلم الإسرائيلي عن المهرجان، واستبدل أحمد عاطف، بالمخرجة كاملة أبو ذكرى. غير أن ضغوطاً فرنسية أعادت «شبه طبيعي» إلى المهرجان، لتبدأ سلسلة انسحابات المشاركين وفي مقدمتهم أبو ذكرى، والممثل آسر ياسين، والمخرج عمرو بيومي، والمخرج سمير عوف. من جهتها، نفت المخرجة نيفين شلبي التي تشارك بفيلمَي «التمثال»، و«حدث في مهرجان برلين» شائعة انسحابها لتفتح من جديد الجدل حول مفهوم التطبيع. ورأت شلبي أنه رغم رفضها كل الممارسات الإسرائيلية الوحشية، إلا أنها ترفض الهروب من المواجهة. وقالت إن الانسحاب يضر المبدعين المصريين، مؤكدة أن الناس لا يفهمون معنى كلمة تطبيع، «وهو اختراع صنعناه بأيدينا». وأضافت أن مشاركتها في المهرجان لا تعني موافقتها على الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
لكن صوت نيفين شلبي لم يصمد طويلاً أمام دعوات المقاطعة التي أطلقها نقيب السينمائيين مسعد فودة ومنافسه العنيد في الانتخابات الأخيرة المخرج المخضرم علي بدرخان والمخرج طارق العريان. بينما وجّه السينمائيون المنسحبون اتهامات صريحة لوزارة الثقافة المصرية بتعمّد تجاهلها الأزمة، لتفادي انطلاق

رفضت المخرجة نيفين شلبي الانسحاب من المهرجان بحجة مواجهة إسرائيل

حلقة جديدة من الهجوم الإسرائيلي على الوزير فاروق حسني.
غير أن وزارة الخارجية المصرية رفعت الحرج عن حسني بعدما أصدرت بياناً يؤكّد دهشة الوزارة من التصريحات الأخيرة الصادرة عن الخارجية الفرنسية بشأن الأزمة التي سبّبها «المركز الثقافي الفرنسي» في القاهرة، وأسفرت عن انسحاب فنانين مصريين من المهرجان. كما انتقد البيان التصريحات والمقالات التي نشرتها الصحف الفرنسية رداً على الحملة القوية للسينمائيين المصريين.
وطالبت الوزارة الجانب الفرنسي بمراجعة أسباب الأزمة من البداية واحترام مواقف السينمائيين المشاركين بدلاً من انتقادهم على صفحات الصحف. وفيما ينطلق المهرجان بعد غد الخميس، تنتظر كل الأطراف التأكد من فعالية المواقف الصادرة، سواء عن «المركز الثقاقي الفرنسي» الذي ينتظر مرور المهرجان على خير وبالتالي التفاخر بتمرير أول فيلم لسينمائي إسرائيلي في مهرجان مصري، أو المواقف الصادرة عن المعارضين الذين يريدون التأكيد أن الموقف الصلب من التطبيع لا يزال مستمراً. وحتى الساعة، لم تصدر «نقابة الصحافيين المصريين» أي بيانات بخصوص التغطية الصحافية لهذا الحدث.