جمانة نمّور ولينا زهر الدين وجلنار موسى ولونا الشبل ونوفر عفلي، قدّمن استقالاتهنّ إلى إدارة الفضائية القطرية، في خطوة كشفت خفايا أزمة تعود إلى سنوات عدّة
ليال حداد
ما الذي يجري في «الجزيرة»؟ استقالات نسائية جماعية، ومفاوضات بين الإدارة والمستقيلات، وحديث عن استياء عمره سنوات انفجر يوم الثلاثاء الماضي داخل مكاتب القناة في الدوحة.
الأكيد حتى الساعة أنّ خمس مذيعات قدّمن استقالاتهن في 25 أيار (مايو) الحالي وهنّ اللبنانيات جمانة نمّور، ولينا زهر الدين، وجلنار موسى، والسورية لونا الشبل، والتونسية نوفر عفلي. وحتى الساعة، لم تقبل الإدارة هذه الاستقالات، بل هي ماضية في التفاوض مع الإعلاميات الخمس لثنيهنّ عن تلك الخطوة. والأكيد أيضاً أنّ السبب لا يعود إلى انتقاد الإدارة لملابس المذيعات وفق ما أشيع، بل إن ذلك كان القشة التي قصمت ظهر البعير.
وفي حديث مع «الأخبار»، تروي إحدى الإعلاميات المستقيلات التي فضّلت عدم ذكر اسمها أنّ الاستقالة الجماعية جاءت نتيجة تراكمات عمرها سنوات، تحمّلت خلالها المستقيلات مزاجية الإدارة في التعاطي معهنّ ومع مختلف الملفات، «إضافة إلى شخصنة مختلف القضايا والمشاكل، واعتماد الكيدية في اتخاذ القرارات...». وتضيف الإعلامية أن مشكلة الإعلاميات الخمس ليست مع خطّ قناة «الجزيرة» العام، «بل إن المستقيلات تربطهن علاقة ممتازة بهذه المحطة التي أمضين فيها سنوات. المشكلة تكمن في التعاطي غير المهني والنهج الخاطئ الذي يتمثّل في الإدارة».
لكن يبدو أنّ الإدارة ليست وحدها موضع الاتهام والانتقاد، إذ تذهب الإعلامية المستقيلة أبعد من ذلك، حين تتحدّث عن استياء زميلاتها المستقيلات من أداء نائب رئيس التحرير أيمن جاب الله الذي كان يضايقهن من خلال تقديم «ملاحظات غير مهنية، أو ينتقد أداءهنّ أو متابعتهنّ لحدث معيّن، وغالباً ما يكون هذا الانتقاد في غير محلّه أو لا أساس له من الصحة». وفي موقف صريح، أعلنت الإعلامية المستقيلة أن زميلاتها لا يفكرن حالياً في التراجع عن هذه الاستقالات حتى لو حُلَّت المشاكل مع الإدارة «بل يأملن أن تفيد تجربتهنّ الإعلاميات القادمات إلى المحطة في المستقبل».
مصدر آخر مقرّب من الإعلاميات المستقيلات يقول إن الاستقالات تعود إلى «النهج الإقصائي والتمييزي الذي تتّبعه القناة تجاه بعض العاملين فيها». ويشرح المصدر هذه النقطة بالتفصيل، فيقول: «تكمن المشكلة الحقيقية في تعاطي الإدارة مع الإعلاميات الإناث، حتى نسبة النساء داخل غرفة الأخبار تكاد تكون معدومة. وانتقاد طريقة لباس الإعلاميات واتهامهنّ بعدم الحشمة كانا النقطة التي فجّرت الوضع نهائياً». لكن ماذا عن باقي الإعلاميات داخل القناة؟ يجيب المصدر بثقة: «استقالات أخرى ستُقدَّم في الأيام المقبلة» .
وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أنّ كلّاً من الإعلاميات خديجة بن قنة (جزائرية)، وإيمان عياد (فلسطينية)، وليلى الشيخلي (عراقية)، قدّمن سابقاً احتجاجاً ـــــ إلى جانب الإعلاميات المستقيلات ـــــ إلى الإدارة يشتكين فيه من المضايقات التي يتعرّضن لها ومن التمييز الحاصل في التعاطي مع العاملين في المحطة.
وردّاً على شكاوى الإعلاميات، ألّفت المحطة لجنة تحقيق في الموضوع، وأصدرت اللجنة تقريراً أكّدت فيه أن أيمن جاب الله يعمل ضمن معايير مهنية، وأن من حق أي قناة وضع شروط للشكل الذي يظهر فيها إعلاميّوها «بما يتناسب مع روح القناة ومبادئها والصورة التي تودّ نشرها». وأضاف التقرير أن تصرفات جاب الله تتوافق «مع صلاحياته، وأنه لا خلفيات شخصية لملاحظاته». غير أن التقرير عبّر عن تفهّم اللجنة لـ«حساسية الموضوع بالنسبة إلى الإعلاميات»، وطلب من إدارة المحطة وضع ضوابط في ما يتعلّق باللباس، ووضع دليل شامل للملابس والمظهر العام للمذيعين

كيدية في اتخاذ القرارات وحديث عن استقالات إضافية في الأيام المقبلة
والمذيعات على الشاشة، «يتضمن العقوبات في حال المخالفة». ودعت اللجنة إلى تعيين مسؤولة أزياء لتقديم النصائح بشأن مظهر المذيعات. وأكدت على أهمية إرسال الملاحظات المتعلقة باللباس إلى المذيعات بشكل مكتوب، «تفادياً لأية مواقف غير إيجابية قد تؤدي إلى عدم إرتياح المذيع أو المذيعة». وتأتي هذه الأزمة لتعيد الحديث عن الاتهامات التي وجّهها بعضهم إلى القناة القطرية بأنّها تتجّه نحو خطّ إسلامي متشدّد بدأ يحاصر العاملين فيها، ويلزمهم باعتماد معايير معيّنة لم تكن موجودة في السابق.
وعكس كل ما أشيع عن أن بعض الأسباب التي تقف خلف الأزمة قد تكون سياسية، فإنّ المصدر المقرّب من المستقيلات أعلن أنّ الإعلاميات الخمس لا يعانين من أي مشكلة مع نهج المحطة السياسي، مضيفاً «هذا السبب أبعد ما يكون عن الواقع».
يذكر أنّ «الأخبار» حاولت الاتصال بأيمن جاب الله، إلا أنّه رفض التعليق على الموضوع، لأنه غير مخوّل بالردّ كما قال، واكتفى بالقول: «لجنة التحقيق برّأتني من التهم الموجّهة إليّ». كذلك حاولت «الأخبار» الاتصال بإدارة المحطة، ولكن من دون أن تتمكّن من التحدّث إلى أيّ من المسؤولين.


نزوح جماعي؟


حمى الاستقالات تطارد قناة «الجزيرة». بعد «اعتكاف» مدير مكتب القناة في القاهرة حسين عبد الغني (الصورة) لأسباب قيل إنها سياسية وتتعلّق بتعاطي المحطة مع «ملف الأمن القومي المصري»، يبدو أن إحدى العاملات البارزات في مكتب بيروت تفكّر أيضاً في تقديم استقالتها من المحطة لأسباب غير معروفة حتى الساعة. ويتردّد أن عدداً لا بأس به من العاملين في مكاتب الدوحة يتلقون عروضاً مغرية جداً من فضائيات عربية، وعلى رأسها قناة «العربية» التي يقال إنها تقدّم مبالغ «خيالية» لهؤلاء بغية حثّهم على ترك «الجزيرة» والانضمام إلى فريق عملها.