بيار أبي صعب مثل «قضيّة عمر حرقوص» في ماض سيّئ الذكر، أثارت رواية عاموس عوز الأوتوبيوغرافيّة «قصّة عن الحبّ والظلام» (تعريب جميل غنايم، «دار الجمل»، بغداد وبيروت)، نقاشاً عبثيّاً في بيروت. يومذاك، من لم يكن في الموقع السياسي للمؤسسة التي ينتمي إليها الإعلامي المعتدى عليه، وجد نفسه عدوّاً للحريّة. وإذا بدروس التاريخ ـــــ في غير مكانها ـــــ عن «المحرقة النازيّة»، تحجب حينئذ صورة المقاوم خالد علوان. وأخيراً، بعد ملف «الأخبار» عن ترجمة عوز، استدرجنا «حرقوصيّو» الأمس و«عوزيّو» اليوم، إلى هلام التعميم و«الإطلاق» نفسه: صار السؤال هل أنت مع ترجمة الأدب الإسرائيلي أم ضدّها؟ (افهم: هل أنت ليبرالي وتنويري؟ أم فاشي وظلامي؟). وجدنا أنفسنا أمام «قضيّة حريّات»، تصادر كلّ حقّ في النقد، وترجم بوصمة «العداء للحريّة» كل من يسعى إلى قراءة رواية عوز وتفكيك خطابها، وتسليط الضوء على صاحبها: فكره ومساره ومواقفه، وما يمثّله على الساحة الأدبيّة والثقافيّة والسياسيّة في الكيان الغاصب.
في هذا السياق المفخّخ والملتبس، أتت مساهمة عبّاس بيضون، لتعيد إلى النقاش شيئاً من العقلانيّة والنزاهة الفكريّة. «ترى بأية مشاعر نسي عوز الآباء الفعليين للأرض؟ هل أرادهم أن يكونوا من البداية موتى ومدفونين؟»، يسأل الشاعر والناقد في مقالته الأسبوعيّة («السفير» ـــــ 14 أيّار/ مايو 2010). يذكّر عباس على طريقته بأن «قصّة عن الحبّ والظلام» ليست مجرّد رواية إسرائيليّة، بل إنها الرواية الصهيونيّة الرسميّة لقيام إسرائيل. رواية قائمة تحديداً على قتل الآخر، عبر إلغاء الفلسطيني ومحو ذاكرته ووجوده وتاريخه. السؤال إذاً: كيف نترجم قاتلنا؟ وكيف نقرأه، الآن وهنا؟