سفيان الشورابيتونس غائبة عن «كان»، والغياب يطرح أكثر من سؤال: السينما التي عرفت نهضة في العقدين الأخيرين، وتبوّأت موقع الصدارة في السينمات العربيّة البديلة، تعيش حالة من الانحسار والتراجع. ما أبعدنا عن السنوات التي كان فيها المهرجان العريق يحتفي بمفيدة التلاتلي مثلاً، كما فعل عام 1994 حين منحها «الكاميرا الذهبية» عن باكورتها الروائيّة «صمت القصور». وقبلها شارك فريد بو غدير بـ«الكاميرا العربيّة» (١٩٨٧)، وقبلهما عبد اللطيف بن عمار الذي شارك في 1970 بشريطه الروائي «حكاية بسيطة كهذه»...
قيل الكثير عن تنازلات فكريّة وجماليّة حملت بعض المخرجين التوانسة في العقدين الماضيين، إلى «كان». هذا نقاش آخر طبعاً، لكنّهم حضروا على الأقل. هذه السنة، السينما التونسيّة يقتصر حضورها على «سوق الفيلم»، حيث تشارك خمسة أعمال: «الدوّاحة» لرجاء عمّاري، و«آخر ديسمبر» لمعزّ كامون، و«لتحيا السينما» لمختار العجيمي، و«النخيل الجريح» لعبد اللطيف بن عمار و«جرجيس» لمحمد الزرن. لمدة طويلة، ظلّت تونس سبّاقة في مجال «التجريب» السينمائي. والأعمال القليلة التي تزخر بها المدونة السينمائية، اشتغل عليها مخرجوها لتبقى راسخة في البال. إلا أنّها اليوم عاجزة عن المنافسة، وتعاني مشكلات هيكليّة، يبدو أنّ حلها لن يكون في المدى المنظور. الحصاد لا يتجاوز أصابع اليد

رجاء عمّاري ومعزّ كامون ومختار العجيمي وعبد اللطيف بن عمار ومحمد الزرن في «سوق الفيلم»

الواحدة بالنسبة إلى السينما الروائيّة الطويلة الموجودة في «سوق الفيلم»، وبعضها خرج لتوّه من المختبرات المونتاج. هذه المشاركة تهدف إلى استغلال فرصة وجود عشرة آلاف مشارك يمثلون أربعة آلاف شركة إنتاج، قادمين من مئة دولة، للتعريف بجديد الصناعة السينمائيّة وإيجاد أسواق واتفاقات عروض...
وفي سبيل تعويض ضعف المشاركة التونسيّة، بادرت النقابة الوطنية لمنتجي الأفلام ـــــ وهي التي تكفّلت بمصاريف سفر الوفد التونسي إلى كان ـــــ إلى تنظيم حملة «سياحية» لتشجيع المخرجين على تصوير أعمالهم في تونس. ألم يصوِّر جورج لوكاس مشاهد من فيلمه «حرب النجوم» في الجنوب التونسي؟ وهو ما فعله ريبرتو بينيني في «النمر والثلج»، وعشرات السينمائيين الكبار خلال العقود الثلاثة الماضية... فهل خلاص السينما التونسيّة هو في استدراج أفلام عالميّة إلى التصوير في تونس؟ وماذا عن الإنتاج المحلّي: كيف يخرج من عنق الزجاجة ويستعيد ألق التسعينيات البعيدة؟