حاولت أبيض في عرضها أن تفكك هذه العوالم، وتفكك كتابات كافكا ثم تربطها بلغتها المسرحية، كأنها تتوغل في تركيبة كافكا نفسه، في شخصيته وخصوصيته. تحاول أن تترجم الكاتب بلغة مشهدية، مستفيدة من الإمكانات والاستعارات الكثيرة التي يتيحها المسرح، كأننا أمام عمل أشبه بـ«كل شيء عن كافكا». رسالته إلى والده الذي لم يقرأها أبداً، رسالة الابن الذي عانى طغيان الحضور الأبوي. حضور بمعناه البطريركي، كحاجز منيع أمام حضور الابن كفرد.
ارتكز العرض على المحاكمة المتأخرة لوالد الكاتب المعروف
كافكا لم يكن وحيداً على الخشبة. خطواته يتبعها ممثلون آخرون، يتلصصون أو يتشابهون معه. كافكا نفسه لم يقدمه ممثل واحد. تبادل الدور أو الشخصية ممثّلون شبان وشابات في زي واحد، كأن ذلك الحضور الأبوي لم يمنع فقط تحقق ذات الفرد، بل منع
تحقق الهوية الجنسية أيضاً.
للينا أبيض أسلوبها كمخرجة، أدواتها وخياراتها. وهي إن كانت تلتزم في السنوات الماضية التزاماً كاملاً بنصوص مسرحية، فإنها في مختبرها الجامعي خاضت تجربة جريئة هذا العام من خلال ترجمة كتابات كافكا مسرحياً. لكن التجربة لا تكتمل بإرادة المخرج وحده، والممثلون الهواة (طلاب من الجامعة) بدوا أمس شديدي البعد عن فهم عوالم كافكا، وانعكس ذلك بوضوح على العرض.
8:30 مساء اليوم وغداً ـــ «مسرح اروين»، الجامعة اللبنانية الأميركية، بيروت ـــ للاستعلام: 01/786464