ليال حدادبدا المشهد الانتخابي أمس باهتاً. بعد خمس سنوات من التجييش الإعلامي، وبعد أقلّ من سنة على الحروب الإعلامية التي سبقت الانتخابات النيابية، عادت المحطات التلفزيونية إلى خطاب عقلاني، واكب الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان. أمس، غابت الاتهامات والاتهامات المضادة، وحاول الجميع حصر المعركة في إطارها البلدي، وتفادي استعمال التعابير والمفردات المستفزّة التي احتلّت الشاشات خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة. هكذا لم نشاهد مراسلي «أخبار المستقبل» يتّهمون الاستخبارات السورية بتسهيل عملية الاقتراع في مناطق المعارضة (السابقة). كما امتنع مراسلو OTV و«المنار» عن اتهام اللوائح المدعومة من قوى «14 آذار» بدفع أموال للناخبين. لكن، لم تخلُ تغطيات المراسلين من الاتهامات غير المباشرة والمبطّنة. مثلاً خرجت علينا مراسلة «أخبار المستقبل» في ذوق مكايل كارول غلام، لتخبرنا أنّ التنافس في البلدة هو بين لائحتَين: الأولى تخوض المعركة على أساس إنمائي فقط، فيما الثانية، المدعومة من التيار الوطني الحرّ (طبعاً) تخوضها على أساس سياسي. كما سلّط مراسل المحطة في سن الفيل، التي تخوض أقوى المعارك السياسية، ربيع شنطف، الضوء على لائحة نبيل كحالة (المدعومة من 14 آذار)، وعلى... الناخبين العونيين المناصرين لها، بوجه لائحة عبدو شاوول المدعومة من «التيار الوطني الحرّ». في سنّ الفيل أيضاً التي كانت مركز اهتمام أغلب وسائل الإعلام، أطلّ مراسل OTV في ساحل المتن جاد أبو جودة ليحذّر الناخبين العونيين ويذكّرهم بأنّ لائحة شاوول هي اللائحة العونية. كما اشتكى أبو جودة من ممارسة مناصري لائحة ميشال عسّاف المرّ، (المدعومة من ميشال المرّ) ضغوطاً على بعض الناخبين، ومنعهم من الدخول وراء العازل. إذاً، انتشر مراسلو القنوات المحلية على طول محافظة جبل لبنان: من جبيل إلى بريح، ومن سن الفيل إلى الجية، لتغطية المعركة التي اختلفوا على توصيفها: هل هي سياسية؟ أم عائلية؟ أم إنمائية بحت؟ ولعلّ تغطية قناة «الجديد» كانت الأشمل، رغم ضعف بعض التقارير من المناطق. وقد تميّزت هذه المحطة، بتقديمها معلومات وأرقاماً مفصّلة عن كل قضاء، من خلال رسوم غرافيكية، أعدّها مالك الشريف من داخل الاستديو. والاهتمام الذي أولته «الجديد» للانتخابات النيابية، لم ينسحب على قناة MTV. فضّلت هذه الأخيرة نقل قدّاس عن راحة نفس شهداء حزب «الوطنيين الأحرار» كاملاً، لتعود وتغطّي تطوّر المعركة، من خلال فواصل متقطّعة.
لكنّ القاسم المشترك بين أغلب المحطات كان تركيز كلّ محطة على المناطق المحسوبة عليها سياسياً أو طائفياً. مثلاً، بدا اهتمام قناة «المنار» وnbn واضحاً بسير العملية الانتخابية في الضاحية الجنوبية، وفي قرى جرود جبيل الشيعية. فيما ركّزت «أخبار المستقبل» على التطورات في قرى إقليم الخروب.
وبين تغطية وأخرى، حاول المذيعون داخل الاستديو في مختلف المحطات إضفاء طابع تشويقي وحماسي على المعركة، لكن من دون نجاح حقيقي. بعد خمس سنوات من المعارك المستمرّة، يبدو أن الجمهور دخل فترة هدنة... قد تكون طويلة.