يُعَدّ الفنان المخضرم حسن يوسف الممثل (الرجل) الوحيد ـــــ حتى الآن ـــــ العائد من الاعتزال. وضعه لا يختلف كثيراً عن عودة الممثلات المحجبات إلى التمثيل خلال السنوات الخمس الأخيرة. إذ يقف جميع هؤلاء على رصيف واحد حاملين لافتة يعلنون فيها العودة إلى مهنة التمثيل، لكن من دون إجبارهم على العودة إلى حياتهم الماضية التي سبقت «توبتهم». وكان حسن يوسف قد أدلى بتصريحَين يفسّران صورة اندماج المحجبات ـــــ أو الممثلين الملتزمين دينياً ـــــ في الأعمال الفنية المصرية. التصريح الأول قال فيه إنّ قراره بالاستمرار في التمثيل جاء بناءً على وصية الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي الذي طلب منه أن يعلّم الشباب الفضيلة تماماً كما علّمهم الشقاوة في وقت سابق. وهو ما يطبّقه أبناء عمرو خالد الآن، لكن بطريقة أكثر عصرية. أما التصريح الثاني، فهو أنّ ابتعاده عن الوسط الفني في بداية رحلته مع التديّن يعود إلى أن العاملين في البلاتوهات لم يعتادوا أن يطلب الممثل وقتاً للراحة كي يقوم بصلاته. ومع عودة حسن يوسف إلى الفنّ، قدّم مجموعة مسلسلات دينية لم ينجح منها إلا «إمام الدعاة». كذلك الأمر بالنسبة إلى المحجبات اللواتي ظهرن في أعمال تناسب غطاء الشعر. لكن كلّهن فشلن، ليس لأنهن لبسن الحجاب في غرف النوم كما أشار النقاد، بل لأنّ التمثيل بشروط مسبقة يستحيل أن ينتج دراما جذّابة. وفيما ظن كثيرون أنّ موجة المحجبات انحسرت بعد فشل أربع منهن عام 2006، سجّلت حنان ترك ومعها صابرين عودة قوية في الآونة الأخيرة.
صحيح أنّ ترك لا تزال تمارس شروطها على النص، وعلى العاملين في البلاتوه بعدما منعت التدخين في كواليس مسلسلها الجديد «القطة العامية»، لكن كاريزما الممثّلة الشهيرة وصدقيتها لدى الجمهور ساعدا المنتجين في دعمها العام الماضي في «هانم بنت باشا» واستمرارها للعام الثاني على التوالي.
من جهتها، تعيد صابرين للمرة الثانية تكرار تجربة الشعر المستعار. بعدما تحجّبت، أطلت الممثلة الشهيرة وهي ترتدي «باروكة» للمرة الأولى قبل عامَين في مسلسل «الفنار» الذي لم يحقّق النجاح المطلوب. وها هي تظهر في مسلسل «شيخ العرب همّام» مع يحيى الفخراني في رمضان المقبل، بالطريقة نفسها. ويُتوقّع أن يحظى هذا العمل بمتابعة عدد كبير من محبي الفخراني. وبالتالي، تأمل صابرين أن تنجح الشخصية التي ستؤدّيها، فتحافظ على حجابها بعيداً عن الكاميرا، وتظهر بشعر مستعار على الشاشة محققة وجوداً فنياً تحتاج إليه كل الممثلات المحجبات بعدما فشلن في ممارسة أي مهنة أخرى.
عودة كل أولئك المحجبات ترتبط طبعاً بقبول المنتجين، ومن خلفهم الجمهور، بمتابعة هذه الأعمال من دون الحاجة إلى رؤية البطلة بكامل زينتها، وهو ما طبقه حسن يوسف لأول مرة هذا العام عندما دافع عن مشاركته في مسلسل «أزواج الحاجة زهرة» مع غادة عبد الرازق. وقال يوسف إن الشخصية التي تقدّمها عبد الرازق تحمل قيماً إيجابية تفيد الجمهور، مهما كانت ملاحظات الجمهور المتديّن على بطلة العمل.
ومن المتوقّع أن يزيد اندماج الممثلين الملتزمين تدريجاً في الأعمال الفنية المصرية. وقد ينتقل الأمر إلى السينما التي استقبلت حلا شيحة أول بطلة محجبة قبل ثلاثة أعوام في فيلم «كامل الأوصاف». لكن فشل الشريط حال دون تكرار التجربة. فيما تظهر لبلبة في دور الأم المحجبة في شريط «الأسرة المثالية» المزمع عرضه في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. ورغم أنّ لبلبة تخلع الحجاب داخل منزلها في الفيلم، إلا أن إعطاء البطولة لشخصية محجبة حدث يؤكّد تبدّل الكثير من مفاهيم صناع أفلام هذه الأيام، إلى جانب استجابتهم للمتغيّرات التي طالت الشارع المصري وعدم الانفصال عنه، وخصوصاً مع قبول الممثلين الملتزمين المشاركة في مسلسلات غير دينية وعدم إصرارهم على وقف التصوير لأداء الصلاة.
م. ع. ا