غالباً ما تلتقي التصريحات الصحافية لمخرجي جيل الثمانينيات أمثال داوود عبد السيد، ومحمد خان، ويسري نصر الله، ومعهم مجدي أحمد علي عند نقطة واحدة. ويعبرّ مخرجو سينما ما قبل الحجاب، عن خوفهم من سيطرة الأفكار المحافظة على خيارات الفنانين.وتأكيداً لتعلّقهم بحريتهم، يقدّم هؤلاء المخرجون أفلاماً تحتوي على أفكار مثيرة للجدل، في تعبير عن إصرارهم على حرية الإبداع الكاملة. ورغم ما قد يقال، فإنّ الصحافة، ومعها الجمهور المحافظ ـــــ وحتى لو خاصمت هذا النوع من الأفلام ـــــ لا تشكّك في نوايا صنّاعها كما يحصل مع مخرجي الجيل الجديد (خالد يوسف مثالاً).
هكذا، صمد «إحكي يا شهرزاد» ليسري نصر الله رغم الهجوم الكبير والانتقادات التي تعرّضت لها النجمة منى زكي.
كذلك نال شريط «رسائل البحر» للمخرج داوود عبد السيد إعجاب الكثيرين، حتى ولو لم يحقق الملايين في شباك التذاكر، فيما ينتظر جمهور محمد خان جديده بفارغ الصبر. وهو ما يثبت أنّ كبار السينمائيين في مصر لا يزالون قادرين على تقديم أفلام تناسب جمهور السينما الحقيقية. وهو الجمهور الذي يحبّ مشاهدة الأفلام الجميلة بعيداً عن الإجازات والأعياد. والمفارقة هي أن الانتقادات التي تتناول أفلام المخرج المثير للجدل خالد يوسف، ومن خلفه هاني جرجس فوزي، لا تأتي فقط من معسكر «الفن الحلال»، بل أيضاً من جيل الثمانينيات الذي يتمسك بحق المخرج في تقديم المشاهد المثيرة ما دام لها مبرّرها الفني. ويرى هؤلاء أنّ ما يقدمه خالد يوسف ما هو إلا إساءة لفن السينما. وكان تصريح هند صبري الأخير دلالة واضحة على الاتجاه لمعارضة يوسف، ولكن هذه المرة من داخل المعسكر المعارض لتدخّل الدين في الفن خصوصاً السينما. وقالت الممثلة التونسية إنها نادمة على المشاركة في فيلم «ويجا» مع خالد يوسف. وأضافت إنها ستتجنّب التعاون معه في المستقبل، لأنه يبالغ في تقديم مشاهد الجنس. ورفضت الممثلة الشابة في التصريح نفسه الاعتراف بالسينما النظيفة. ووصفت الأفلام التي ترفع هذا الشعار بالتفاهة. هذا الكلام يؤكد أن الإفراط في تقديم مشاهد الجنس والمضامين الصادمة للمجتمع، قد يضر صناعة السينما في المقام الأول، لأنه سيؤدي ـــــ في حال عدم وجود البديل ـــــ إلى عزوف الناس تدريجاً عن مشاهدة هذه الأفلام. هذا بالإضافة إلى تسهيل انتشار دعاوى تحريم السينما والفن، التي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة، لأنّ النماذج السلبية هي التي تتصدّر الصورة السينمائية، إلا إذا نجح أصحاب «الفن الحلال» ومعهم صنّاع السينما الكبار في الصمود.
محمد...